مشكلة لبنان في التعامل مع الحرب الروسية – الأوكرانية تتوسع فصولاً، بدءاً من بيان الإدانة الشهير لـ«الاجتياح الروسي» الذي تفرّد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير خارجيته عبدالله بو حبيب بإصداره في بداية الحرب. إذ يبدو أن ميقاتي ملتزم بتلبية المطالب الأميركية والأوروبية من دون اعتبار لحقائق الأمور أو لمصالح لبنان ودول شقيقة.مسؤول سوري أوضح لـ«الأخبار» أن الحكومة السورية أرسلت احتجاجاً رسمياً إلى الحكومة اللبنانية على قرار حجز الباخرة «لوديسيا» (تحمل العلم السوري ومسجلة في مدينة اللاذقية) في مرفأ طرابلس بحجة أنها تحمل بضائع مسروقة من أوكرانيا، مع تأكيدات بأن الباخرة ملك لوزارة النقل السورية، وأن البضاعة التي تحملها روسية. وبحسب المصدر نفسه، فقد فوجئت دمشق بموقف ميقاتي «الذي تجاهل احتجاج دمشق وأخذ بطلبات العواصم الغربية»، ونبّهت إلى أن هذه الخطوة من شأنها ترك انعكاسات على العلاقات بين لبنان وسوريا تجعلها أكثر سلبية.
وكان المدعي العام التمييزي غسان عويدات قرّر الحجز على الباخرة ثلاثة أيام إضافية، طالباً من فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي الإشراف على التحقيقات للتثبت من مصدر الشحنة التي تحملها. فيما لفت موقف لوزير الأشغال علي حمية الذي أشار إلى أن السفينة «مرّت في أكثر من مرفأ. وحتى هذه اللحظة يظهر أن البضائع رسمية ولم تسرق». ودعا «كل السفراء للتعامل مع لبنان عبر الأطر الديبلوماسية وليس الإعلام».
وكان وزير الخارجية عبدالله بو حبيب أعلن أن لبنان تلقى «احتجاجات وإنذارات من الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية»، عقب وصول الباخرة إلى مرفأ طرابلس الأربعاء الماضي. فيما أعلنت السفارة الأوكرانية، في بيان أمس، أنها تلقت «وثائق وإثباتات حاسمة من ‎أوكرانيا تفيد بأن شحنة الطحين والشعير على متن الباخرة مسروقة من أوكرانيا (...) وسنتقدم غداً (اليوم) بطلب لدى قاضي العجلة في ‎طرابلس لتمديد مدة الحجز، مع العلم أننا سنقوم بكل ما بوسعنا للتمكن من توزيعها في الأسواق اللبنانية بأسرع وقت».
في المقابل، أفيد بأن السفارة الروسية ستبرز اليوم مستندات تثبت قانونية الشحنة وانطلاقها من مرفأ روسي. فيما تفيد المعلومات بأن القضاء ينتظر الخطوة الروسية ليبنى على الشيء مقتضاه.
وتعود «لوديسيا» لشركة «سيريامار» السورية الحكومية (فُرضت عليها عقوبات أميركية عام 2015)، وتم تصويرها وهي تعبر مضيق البوسفور نحو البحر الأبيض المتوسط ​​في 23 تموز الجاري. وهي كانت أفرغت جزءاً من حمولتها في مرفأ طرطوس قادمة من أزمير التركية، قبل أن تكمل طريقها إلى مرفأ طرابلس لإفراغ كميات مستوردة للقطاع الخاص.
وجرى التداول خلال الأيام الأخيرة بمعلومات منها أن شركة «لويال أغرو» سعت إلى استيراد 5000 طن من الدقيق على السفينة لبيعها لمشترين من القطاع الخاص في لبنان. وأن صاحب شركة الشحن تركي الجنسية، فيما تعود البضائع إلى تاجر سوري. وكان يفترض أن يفرغ جزء من حمولة الباخرة في لبنان والباقي في سوريا. وأفاد مسؤول في الجمارك بأن «أوراق البضائع نظامية وليس هناك ما يدل على أنها وصلت إلى لبنان مسروقة، وأنه ليست هناك عقوبات على الباخرة وإلا كانت أُوقفت في تركيا».