ابتداءً من اليوم، يدخل حيّز التنفيذ قرار المديرية العامة لتعاونية موظفي الدولة، والقاضي بتعديل تعرفات الأعمال الطبية المتنوّعة. عملياً، وبحسب القرار، يطاول التعديل التعرفات الطبية الاستشفائية وتعرفات الفحوصات المخبرية والصور الصوتية والمغناطيسية وأتعاب الأطباء وكذلك علاجات الأسنان، بمعدّل زيادة يقارب الـ400%.أربعة أضعافٍ إذاً هي قيمة «الزودة» التي حدّدتها المديرية العامة للتعاونية لتغطية جزء من التكاليف التي يدفعها المنتسبون والمستفيدون في المستشفيات والصيدليات والمختبرات الطبية، والتي قدّرتها على أساس دراسة مالية استندت فيها إلى أرقام موازنتي عام 2020 المقرّة وعام 2021.

فائض في الاعتمادات
في الأسباب الموجبة لتلك الزيادة، لم يكن في القرار ما يوجب هذا التوجه سوى الخسارة المزدوجة التي لحقت بالموظفين، سواء من ناحية الرواتب التي فقدت قيمتها الفعلية بسبب الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد «والتي تدنّت إلى ما يقارب الـ5%» أو من ناحية الغبن الذي يلحق بهؤلاء الموظفين بسبب التعسّف الذي تمارسه المستشفيات بحقهم، خصوصاً مع امتناع الكثير منها عن استقبالهم. وقد أدى هذا الأمر إلى تراجع كبير في خدمات الاستشفاء والطبابة على «حساب» المديرية. وهو ما بيّنته السنتان الأخيرتان من عمر الأزمة، إذ تراجعت أعداد المستفيدين من الخدمات الطبية لعدم قدرتهم على تسديد الفواتير الاستشفائية الباهظة، على ما يقول المدير العام للتعاونية، الدكتور يحيى خميس. ومع اشتداد الأزمة أكثر والفارق الدراماتيكي بين سعر صرف دولار الجهات الضامنة ودولار المستشفيات، عزف المنتسبون عن تقديم الفواتير إلى التعاونية، بعدما باتت «مش حرزانة»، يقول خميس. وقد أدّى هذا العزوف إلى تكوين فائض في الاعتمادات المرصودة للأعمال الطبية والاستشفاء. من هنا، عملت المديرية على القيام بالدراسة المالية التي بيّنت «أنه بإمكاننا استغلال هذا الوفر للتخفيف عن كاهل المنتسب»، وبيّنت كذلك وصول حدود الاستفادة من هذا الوفر إلى أربعة أضعاف.

حسن التنفيذ؟
القرار صدر، وإنما «حسن التنفيذ» يبقى رهناً بنية المستشفيات. وإن كانت المديرية ماضية في المحاولات لحماية منتسبيها المُقدّر عددهم بنحو 87 ألفاً، وما يلحقهم من مستفيدين بحدود 350 ألفاً، إلا أنه يعرف بأن ما اتُّخذ لا يحلّ الأزمة، خصوصاً في ظل الفوارق بين أسعار الصرف. من هنا، يعمل خميس منذ يوم أمس على التواصل المباشر مع المستشفيات المتعاقدة مع التعاونية لرسم خطة عمل واضحة. لكن، هل سيكون الطريق سالكاً بين الطرفين؟
عزف المنتسبون عن تقديم الفواتير إلى التعاونية فتحقّق بعض الوفر


على أساس قرار التعاونية، تُقدّر الأضعاف الأربعة على أساس السعر الرسمي للدولار والذي لا يزال معمولاً به في المؤسسات والإدارات الرسمية، وهذا يعني عملياً أن زودة التعاونية هي عبارة عن انتقال من دولار يُقدّر بـ1500 ليرة لبنانية إلى دولار يُحتسب على أساس 6 آلاف ليرة. وهي زودة «مؤكد أنها لا تحل المشكل»، يقول نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة، سليمان هارون. وبحسب الأخير، ما تفعله هذه النسبة أنها تخفّف من الفروقات التي يدفعها المنتسبون على عاتق التعاونية، ولكن من المؤكد في المقابل أن «فاتورة الفروقات التي سيبقى المريض يدفعها كبيرة جداً، خصوصاً مع إخراج أدوية المستشفيات من الدعم وكذلك معظم المستلزمات الطبية والخدمات في المستشفى».
وهذا «واضح جداً»، يقول هارون، ويقاس بالفارق ما بين 6 آلاف ليرة تعترف بها التعاونية وما بين 28 ألفاً للدولار اليوم. ماذا يعني ذلك؟ «أن المواطن عليه أن يتحمّل بعد».
أما ما هو أكثر وضوحاً، فهو أن الصناديق والجهات الضامنة لن يكون بمقدورها تغطية الكلفة الفعلية للاستشفاء، إلا في حالة واحدة «أن يأتي دعم خارجي لها»، يختم هارون.