شكّلت الانتخابات النيابية الأخيرة، في غياب سعد الحريري، «فرصة ذهبية» للنجل الأكبر لرفيق الحريري لدخول عالم السياسة من باب «زعامة جاهزة» تحتاج فقط إلى من يمسك بها. لكن بهاء الحريري بدا شديد العجز عن القيام بأكثر من حملة إعلانية باهتة، قبل أن تذوب أحلام الزعامة. أسباب ذلك كثيرة، منها «مزاجيته» واعتماده على جيش من المستشارين، إما من غير الملمّين بالحياة السياسية، أو ممّن يرون في بهاء الحريري «مصدراً للرزق» أكثر منه مشروع زعيم!ما يحدث داخل «سوا» أقل ما يقال فيه إنه حرب وليس خلافاً. ثمة فريقان داخل الحركة برزا قبل أسابيع من موعد الانتخابات، تنازعا داخلها قبل أن يسوّياها بالأرض. الأول يدّعي أن جذور المشكلة مالية، ويتّهم الرئيس التنفيذي للحركة سعيد صناديقي باختلاس أموال انتخابية والفرار بها خارج البلاد، فيما الفريق الثاني يحمّل الأول مسؤولية «المذبحة»، متحدثاً عن جذور سياسية - تنظيمية، تبدأ من تبنّي المشاركة في الانتخابات بلوائح مباشرة، والالتفاف على الاستراتيجية التي أعلن عنها خلال إطلاق الحركة في مجمع «فوروم دو بيروت»، أواخر آذار الماضي، بالامتناع عن المشاركة المباشرة وتحوّل الحركة إلى منصّة لدعم مرشحين «تغييريين»، ولا تنتهي بالأخطاء الإدارية وسياسة «القوطبة» وغياب آليّة اتخاذ القرار!
لكن، كعادته، بدل أن يكحّلها عماها. تصرّف بهاء الحريري بطريقة مزاجية. بدل محاسبة المسؤولين عن إقناعه بأهمية خوض الانتخابات، انتقم لأرقامه الخجولة من أصحاب نظرية «دفش» المشاركة إلى عام 2026. استتبع «حملة التطهير» باتخاذ قرار مفاجئ بإغلاق 14 مكتباً للحركة في مناطق لبنانية متفرقة، وصرف 70 موظفاً تعسفياً، وتجميد عمل «وحدة المشاريع» التي أنشئت لإجراء دراسات حول تنفيذ مشاريع خدماتية في المناطق، وصرف معظم موظفي مكتب الإعلام والتوجيه، ومعهم قسم المحاسبة الذي تحوّل إلى هدف لانتقام المصروفين. ومن جملة من أدرجوا على قائمة الانتقام، الرئيس التنفيذي سعيد صناديقي، الذي صدر قرار بطرده رغم أنه تقدّم باستقالته في كتاب رسمي قبل أكثر من أسبوع من موعد الانتخابات!
قرارات الحريري جعلت من الموظفين الإداريين في «سوا» ضحايا قبل أن يتحوّلوا إلى «قطّاع طرق». قبل نحو أسبوعين، قرّر هؤلاء الاحتجاج أمام مكاتب الحركة على صرفهم والمطالبة بتسديد مستحقاتهم. حصل هرج ومرج في باحات الشركة، ولاحق المصروفون رفاقهم الإداريين لينتهي الأمر باعتداء مرافقي صناديقي بالضرب على أحد المديرين ويدعى عبد عنتر.
يبرّر مقربون من الحريري ما حصل في الشركة بأنه «خلاف على مكافآت مالية» جرى توزيعها بشكل «غير متجانس». ويتّهمون صناديقي بتحريض موظفين على الإداريين انتقاماً ممّن يتهمهم بالوقوف خلف قرار إقصائه الذي «جاء كنتيجة طبيعية لكونه المسؤول السياسي عن الحركة، إلى جانب شبهات اختلاس تحوم حوله ويتم التحقيق فيها»، فيما يؤكد صناديقي لـ«الأخبار» أنه لم يتدخّل بالشق المالي إطلاقاً، قاذفاً كرة الاتهام نحو مسؤولين «سارقين» سعوا إلى الانتقام منه، ومتّهماً أحد مساعدي بهاء بـ«التلاعب به»، وتوريطه في الانتخابات بعدما أقنعه بوجود إمكانية للخرق بنائب على الأقل في بيروت وثانٍ في طرابلس. ثم «بعدما طيّر استراتيجيّتنا، اشتغل على تزحيطنا». ويشير إلى أنه «بعد الانقلاب على قرار عدم المشاركة في الانتخابات مباشرة بناءً على استشارة من خارج الحدود»، صدر قرار عن الحريري بإنشاء ماكينة انتخابية لإدارة المعركة، عيّن على رأسها أحد رجالاته الموثوقين، آلان بدارو، «وكان يتلقّى التعليمات من بهاء عبر خط مباشر، فيما كُنا نجهل ما يحدث في المكتب المجاور، وممنوعين من التدخل، وفي آخر المطاف حمّلنا مسؤولية الإخفاق».
رغم ذلك، تؤكد مصادر بهاء الحريري أنه مصرّ على إعادة هيكلة حركة صرف معظم موظفيها، فيما ينسحب أعضاء مجلس الأمناء المفترض أنه مسؤول عن إعادة إنتاجها بنسخة جديدة واحداً بعد آخر، وآخرهم القاضي حاتم ماضي ورلى عجوز والمديرة الإدارية في «سوا» سلمى عاصي.


SBI نحو إعادة الهيكلة
كحال حركة «سوا»، ستشهد منصّة صوت بيروت إنترناشونال SBI إعادة هيكلة ستؤدي إلى عمليات صرف. وفيما يفصل مديرها التنفيذي جيري ماهر بين ما يجري في مؤسسته وما يجري في «سوا»، يؤكد في اتصال مع «الأخبار» أن «إعادة تقييم ستجرى تتضمن تقليص سلة البرامج على نحوٍ يبقي ما هو واسع الانتشار وتعزيزه». فيما بدأت ترتفع أصوات المهددين بقرارات الصرف من SBI، رغم تأكيد ماهر أن «لا أحد سيخرج زعلان»!