تدّعي الجمعيّة امتلاكها أغلب الإجابات عن أسئلة حقوق لبنان النفطية والطرق الأمثل لانتزاعها من بين أنياب العدو، وما ينبغي فعله لإدارة الثروة الوطنية النفطية، وفق المعايير الليبرالية الغربية، أي ما تسمّى الشفافية والحوكَمة. لكن، هل LOGI فعلاً أهل لادّعاد هذه المثالية؟بعد تأسيسها في كانون الأول 2014، برز اسم جورج ساسين، ممثّل «المبادرة اللبنانية للنفط والغاز LOGI» أمام الحكومة، إلى جانب مجموعة من الشابات والشباب ممن لا خبرة لهم في مجال النفط والغاز. بحسب مصدر مطّلع، جاء تأسيس الجمعية أواخر 2014 بناءً على طموح ساسين بالحصول على منصب في «هيئة إدارة قطاع البترول»، وعندما لم يجد ساسين له مقعداً في الهيئة، تصدّر الظهور الإعلامي باسم الجمعية شخصيات أخرى، مع انضمام وافدين جدد. مع بدء الورشة التشريعية لإقرار التشريعات المتعلّقة بالنفط والغاز، غاب ساسين عن المشهد ليبرز اسم ديانا القيسي التي كانت تعقد لقاءات وتظهر إعلامياً للحديث باسم الجمعية، إلى جانب ممثلين عن «كلنا إرادة» وNRGI. وبما أنّ LOGI تقوم على فكرة الشفافية وتدعو إليها، تنشر الجمعية تقاريرها المالية السنوية على موقعها الإلكتروني الذي يظهر أنها حصلت على تمويلها التأسيسي عامَي 2015 و2016 من كلٍّ من منصة التمويل الجماعي «ZOOMAL» و«مؤسسة سمير قصير» (حوالي 13,000 دولار في العام)، وبدءاً من عام 2017 بدأت أرقام التمويل تكبر ومصادره تتنوّع.

عام 2017، حصلت LOGI على حوالي 28,500 دولار من مؤسسة «فريدريش إيبرت» التابعة للحزب الديموقراطي الاجتماعي الألماني، وحوالي 89,386 دولاراً منNorwegian People’s Aid، فيما ظهرت منصّة «كلنا إرادة» كمموّل بحوالي 47,000 دولار. بدءاً من عام 2018، أصبحت «كلنا إرادة» مموّلاً ثابتاً للجمعية، مع الأخذ في الاعتبار أنّ الأولى تبنّت LOGI كذراع للضغط في مجالَي النفط والغاز داخل البرلمان وخارجه. ففي 2017، يُذكَر أنّ أسباب التمويل كانت لـ«السياسات والقوانين»، وكما هو معلوم، في ذلك العام كانت تُسَن القوانين الناظمة لقطاع النفط والغاز. تنوّعت مصادر دخل LOGI في السنوات اللاحقة فدخلت «Publish What You Pay - انشر ما تدفع» على خط التمويل، إضافة إلى مؤسسات أميركية وبريطانية وألمانية أخرى. من المعروف أنّ «انشر ما تدفع» هي من ابتكار «مؤسسات المجتمع المنفتح» لصاحبها جورج سوروس، لخدمة الأجندة التي تدعو إلى الشفافية كمدخل للولوج إلى المجتمعات التي عادةً ما تمتلك ثروات أو تكون للشركات المتعدّدة الجنسيات مصالح فيها. من المؤسسات التي موّلت LOGI عام 2019 المعهد الديموقراطي الوطني – NDI، الذي سبق لـ«الأخبار» أن تناولته ضمن ملف عن NED، ومؤسسة «ويستمينيستر للديمقراطية» - Westminster Foundation for Democracy التي تعمل لمصلحة الأحزاب الممثَّلة في مجلس العموم البريطاني. لم تنشر LOGI الداعية إلى الشفافية بعد تقاريرها المالية السنوية عن عامَيٍ 2020 و2021، مع أنّ صوتها خلال هذين العامين كان عالياً في مطالبة مؤسسات الدولة اللبنانية بالشفافية، وكان مديروها يجوبون ساحات التظاهر للتحذير من «فساد السلطة التي ستسرق عائدات النفط».
أصبحت «كلنا إرادة» مموّلاً ثابتاً لـ LOGI وتبنّتها كذراع للضغط في مجالَي النفط والغاز داخل البرلمان وخارجه


أكثر ما يلفت في «شفافية» الأرقام المالية التي نشرتها LOGI هو الاختلاف الواضح بين أرقام التمويل التي أعلنت أنّها تلقّتها من «انشر ما تدفع»، وما نشرته الأخيرة في تقاريرها المالية السنوية. مثلاً، غابت «انشر ما تدفع» من قائمة الجهات المموّلة لـ LOGI من تقريرها السنوي لعام 2017، بينما ذكرت «انشر ما تدفع» في تقريرها السنوي في العام نفسه أنّها دفعت 22,722 جنيهاً استرلينياً لـ LOGI. وفي عام 2018 ذكر تقرير LOGI السنوي أنّ الجمعية تلقّت 5,108 دولارات من «انشر ما تدفع»، بينما تقرير الأخيرة السنوي لعام 2018 لم يذكر أنّه دفع شيئاً لـ LOGI. أمّا في تقرير LOGI السنوي لعام 2019 فقد ورد أنّ «انشر ما تدفع» دفعت للجمعية 16,556 دولاراً، بينما لم يرد أيّ تمويل لـ LOGI في التقرير المالي السنوي لـ «انشر ما تدفع» عن ذلك العام. وفيما لم تنشر LOGI بعد تقريرها المالي السنوي لعام 2020، يرد في التقرير المالي السنوي لـ«انشر ما تدفع» أنّها دفعت 113,457 جنيهاً استرلينياً لـ LOGI.


مع افتراض النية الحسنة، قد يجري تبرير هذا التفاوت بين أرقام LOGI و«انشر ما تدفع» بأنّ الأولى تُجَدوِل أرقام ميزانياتها على سنوات قادمة، فتوزّع مبالغ التمويل بحسب الحاجة التشغيلية للبرامج التي تنفّذها. لكن حتى في هذه الحالة، يجب على جمعية تقوم فكرة وجودها على الدعوة إلى «الشفافية» أن تلتزم قواعد صارمة في الوضوح والشفافية حول ميزانيتها، وتنشر كل ما تقبضه كما يُصرَف لها. حتى في خانة الأسباب المعلَنة للتمويل في تقارير LOGI المالية، يغيب التفصيل الشفّاف لأسباب تمويل كل برنامج أو مشروع تعمل الجمعية على تنفيذه، فتُستَعمَل عبارات عامة ومطّاطة في الوصف من قبيل «لدعم مشاركة المجتمع المدني» أو «دعم المحتوى المحلي»، وكأنّ نشر التقرير السنوي المالي هو لـ«رفع العتب»، لكي لا يقال إنّهم يدعون إلى الشفافية ولا ينشرون تقريراً شفّافاً.


بورتريه

لوري هايتايان


لوري هايتايان مديرة «معهد حوكمة الموارد الطبيعية» (NRGI) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي هيئة رقابة عالمية في مجال الطاقة تركّز على موارد النفط والغاز في دول الجنوب. اشتهرت هايتايان بدورها كمنسقة عامة لـحركة «تقدّم» التي ينتمي إليها النائبان الفائزان في دائرة جبل لبنان الرابعة نجاة صليبا ومارك ضو. وكانت إحدى أبرز شخصيات «المجتمع المدني» في قطاع النفط والغاز في لبنان، حيث عملت سابقاً مع المعهد من أجل القيام بـ «إصلاحات» في قطاع النفط والغاز في الشرق الأوسط. كما تمت دعوتها من قبل مركز كارتر لمراقبة الانتخابات البرلمانية التونسية عام 2011، بعد الإطاحة بزين العابدين بن علي في بدايات «الربيع العربي». ومنذ عام 2011، لعبت هايتايان دوراً في كونها مراقبة من قبل المعهد على البرلمانات العربية، والضغط من أجل «إصلاحات» في قطاعي النفط والغاز. كتبت هايتايان ورقة بحثية لصالح المعهد تتحدث فيها عن غياب الفائدة من استخراج النفط والغاز، مدعية أن الفوائد التي تعود على الاقتصاد اللبناني مبالغ فيها من قبل السياسيين وأن السوق الأوروبية لاستيراد النفط والغاز غير مشجعة، مشدّدة على أن لبنان يجب أن يستثمر في «الطاقة البديلة» بدلاً من ذلك.
في عام 2017، كتبت هايتايان مقالاً مفاده أنّ «لبنان أصبح منتجاً جديداً للنفط والغاز تحت أعين مجتمعه المدني الساهرة». في هذا التقرير، أوصت بأن يقوم المجتمع المدني اللبناني بتسهيل صياغة السياسة النفطية اللبنانية من خلال الحصول على مقعد ضمن «مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية» (EITI)، وتجاوز الحكومة لإصدار سياسات، لا سيما في قطاع النفط والغاز.

ديانا القيسي


تمثل ديانا القيسي المجتمع المدني في مجلس الإدارة الدولي لـ«مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية» (EITI)، وعملت سابقاً كمنسقة إقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ في مؤسسة «انشر ما تدفع» (Publish What You Pay) المتخصصة بالشفافية في القطاع النفطي، وهي أيضاً عضو مجلس إدارة في «مبادرة النفط والغاز اللبنانية» (LOGI). في كانون الثاني 2021، وبمبادرة من مؤسسة «انشر ما تدفع» تم تأسيس «التحالف من أجل حوكمة الطاقة» في لبنان. ويشمل التحالف، إلى جانب «مبادرة النفط والغاز اللبنانية» (LOGI)، «كلنا إرادة» ومبادرة «غربال» و«جمعية الشفافية اللبنانية». في أيلول 2021، في مقابلة مع صحيفة Arab News السعودية، أعربت القيسي عن رفضها لـ «بيع حزب الله للمشتقات النفطية بأسعار أقل من أسعار السوق». وأضافت أن الخطوة الطارئة التي اتخذها حزب الله تعني «ظهور كارتيل جديد يمتلك أسلحة غير شرعية ويبيع الوقود على أسس غير صحيحة».

كارول عياط


عملت كارول عياط في مجال الاستثمار المصرفي في مجال الطاقة، بخاصة في قسم تمويل الطاقة في بنك عودة. انضمت في تشرين الأول 2021 إلى معهد عصام فارس كزميلة رئيسية متخصصة في سياسة حوكمة الطاقة. قبل ذلك عملت مع بنك Goldman Sachs بين نيويورك ولندن ودبي من عام 2006 إلى عام 2011، وشهدت تلك الفترة ارتفاعاً في أرباح Goldman Sachs، وكانت البنوك الدولية تتطلع إلى خصخصة ما يقدر بنحو 300 إلى 400 مليار دولار من أصول المنطقة العربية. كان يُنظر إلى السوق المصرفية في العالم العربي على أنها صغيرة ومجزأة وتهيمن عليها البنوك التي تسيطر عليها الحكومات والعائلات، وكانت البنوك الكبرى تسعى للحصول على حصتها من هذه الأسواق. في مقال صدر في تشرين الأول عام 2021، بعنوان «استخدام الأزمة المصرفية كرافعة لإصلاح قطاع الكهرباء في لبنان»، دعمت عياط مطالبة صندوق النقد الدولي بقطع الدعم عن قطاع الكهرباء وإنشاء هيئة مستقلة لتنظيم الطاقة، وفقاً لقانون عام 2002، والذي من شأنه أن يسرع مسار الخصخصة وسيطرة الشركات المالية على القطاع الذي تديره الدولة. كما كتبت عياط ورقة لـ «معهد حوكمة الموارد الطبيعية» (NRGI) في آذار 2021 حول حوكمة الطاقة، ونصحت الحكومة بعدم استخدام النفط والغاز، وهي خطوة من شأنها أن تضعف الدولة أكثر وضمنها مؤسسة كهرباء لبنان، التي تسعى مقترحات عياط إلى تحويلها إلى شركة مساهمة يملكها جزئياً المودعون في المصارف المتخلفة، بالإضافة إلى خصخصة القطاعات الحكومية الضعيفة الأخرى، وتحويلها إلى شركات مساهمة خاصة أيضاً. عياط هي عضو مجلس إدارة في «مبادرة النفط والغاز اللبنانية» (LOGI)، وتشغل شقيقتها كارن التي تعمل في مصرف Credit Suisse منصب المدير التنفيذي.