ينفخ الرئيس فؤاد السنيورة الروح في «مجموعة العشرين» كلما سنحت له فرصة. الشخصيات السنية التي التقت قبل سنوات رفضاً للتسوية الرئاسية وانتقاداً لدخول الرئيس سعد الحريري فيها، لا تزال تجتمع كل فترة، رغم انسحاب بعض الشخصيات منها كالرئيس تمام وسلام والوزير السابق نهاد المشنوق والنائب السابق عمّار حوري... فضلاً عن تحوّل هؤلاء من وزراء ونواب إلى وزراء ونواب سابقين.مع الدعوة إلى الانتخابات النيابية، ضخّ السنيورة الدماء في شرايين «المجموعة» التي كثّفت اجتماعاتها برئاسته وفي غياب بعض «أركانها الأساسيين»، فيما كان لافتاً حضور مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان بعض هذه الاجتماعات قبل أن يتجنّبها لاحقاً لعدم إثارة غضب الحريري.
في البداية، ركّزت اجتماعات «السادات تاور» على كيفية خوض الانتخابات بعد قرار الحريري تعليق مشاركته فيها، مع الحرص على عدم استفزازه، وناقشت الدعم الخليجي المادي والمعنوي للائحة «بيروت تواجه» التي شكّلها السنيورة برئاسة الوزير السابق خالد قباني، وتطرّقت إلى أدق التفاصيل حول وجهة الأموال الخليجيّة وكيفية إنفاقها. وعندما استشعر السنيورة بأنه ذهب بعيداً في استفزاز رئيس تيار المستقبل، أوفد إليه مبعوثاً (تردّد أنه نقيب الصحافة عوني الكعكي) إلى الإمارات العربية المتّحدة، حاملاً إليه تأكيداً بأن قرار المشاركة في الانتخابات ليس موجّهاً ضدّه شخصياً. هنا، تؤكّد المصادر أن السنيورة نقل إلى أعضاء «مجموعة العشرين» جواً مغايراً لما سمعه موفده من الحريري، مؤكّداً لهم أنّ رئيس تيار المستقبل مبتعد بغير إرادته بل طُلب منه ذلك، وأن لا خلاف شخصياً بينه وبين السنيورة، ليقنع المجتمعين بضرورة دعم لائحة «بيروت تواجه».
بعد صفعة نتائج الانتخابات النيابية، دعا السنيورة «المجموعة»، على عجل، إلى اجتماع في «السادات تاور» قبل أيام. بحسب بعض من حضروا اللقاء، استهلك «دولة الرئيس» أكثر من نصف ساعة في بداية اللقاء منوّهاً بشخصه وبعمله السياسي، ولم يتوقف إلا بعدما انهالت عليه الأسئلة عن سبب خسارة الانتخابات وكيف أُنفقت الأموال الخليجيّة، وعن سبب عدم التنسيق بين أعضاء اللائحة والفوضى العارمة في الماكينة الانتخابية، عدا عن ضعف الدعاية والإعلان. وجاءت الصدمة عندما قال السنيورة بالفم الآن: «أنا أعتبر نفسي منتصراً في الانتخابات»، وتأكيده أن الأموال التي تلقّاها لدعم اللائحة «لم تأتِ من الخليج، بل من مجموعة من الأصدقاء». وسمع الحاضرون عتباً ضمنياً من السنيورة على المفتي دريان الذي لم يعمل لمصلحة اللائحة كما كان منتظراً، وهذا ما بدا واضحاً من تصويت كثير من المشايخ ضدّ لائحة «بيروت تواجه».
ولدى سؤال قباني عن اللقاء، أكّد أن «اجتماعات مجموعة العشرين غير مرتبطة بالانتخابات حصراً، إذ لم نتوقف عن حضور الاجتماعات التي كانت تحصل كل شهر أو شهرين»، نافياً أن يكون السنيورة قد أرسل موفداً إلى الحريري. فيما أكّد الكعكي، وهو عضو في «المجموعة»، لـ«الأخبار» أن العلاقة بين السنيورة ودريان «طبيعية ولا عتب بينهما، بل العكس هو الصحيح، وخصوصاً أن سماحته كثّف دعواته لأهالي بيروت للمشاركة في الانتخابات».