كانت للأدب مساهمة في رصد الأحداث التي مرّت على لبنان إبان الحرب العربية – الإسرائيلية الخامسة وحصار بيروت والجرائم التي ارتكبت بحق آلاف السكان. عشرات الكتّاب سجّلت مشاهدات ووثّقت أحداثاً سياسية وعسكرية واجتماعية وإنسانية، لكنها أصبحت شبه منسية وكأنها جزء من ماض سحيق، فيما الجرائم الإسرائيلية التي نقرأ عنها في منشورات صدرت منذ اكثر من ثلاثة عقود لا تزال تتكرّر وتتمادى.


بعض أدبيات الحرب الخامسة في سطور
• في أواخر شباط 1984، نشر الأديب الفلسطيني إدوارد سعيد (1935-2003) مقالته «إذن بالرواية» (بالإنكليزية) حول أهوال الحرب الخامسة على بيروت، صيف 1982، لنقد آلية صياغة رواية العدو النقيضة في الإعلام الغربي، وخصوصًا الأميركي، بشأن الحدث ذاته، وتحديدًا مجزرة صبرا وشاتيلا.
• «أربع ساعات في شاتيلا»، مقال لا يتجاوز حجمه العشرين صفحة، للشاعر الفرنسي جان جينيه، اعتُبر أكثر من شهادة جريئة، بل فعل مقاومة في وجه الجلّادين المفتخرين بانتصاراتهم، وثّق فيه جينيه مشاهد المجزرة التي ارتكبها العدو في مخيمَي صبرا وشاتيلا.
• «بيروت صغيرة بحجم راحة اليد.. يوميات من حصار عام 1982»، كتاب للأديب والشاعر الأردني أمجد ناصر يصف فيه مشهد الحرب الإسرائيلية الخامسة لبيروت عام 1982 بأنّه كان أشبه بنهاية مصغّرة للعالم، إذ كانت نيران القصف كثيفة و«تتجاوز الانتقام» إلى ما يصفه بالإفناء والعقاب الجماعي.
• «كرة الثلج.. أسرار التدخل الإسرائيلي في لبنان» للصحافي الاسرائيلي شيمون شيفر، وهو كتاب ينقل وجهة نظر العدو، ويكشف خفايا وأسرار دخول العدو الإسرائيلي إلى لبنان، كما يحملنا إلى دهاليز الجلسات الخاصة والاجتماعات السرية بين الأطراف المعنية، والتي أدّت إلى حصار بيروت.
• كتاب "Lebanon: Levantine Calvary, 1958–1990" للصحافي الجنوب أفريقي آل جي فينتر، وهو عبارة عن تسلسل زمني للأحداث، إضافة إلى صور فوتوغرافية. يروي فينتر المقرب من أرييل شارون أحداث الحرب من وجهة نظر العدو الإسرائيلي.
• كتاب "Final Conflict: The War in the Lebanon" للسياسي الأميركي جون بولوك الذي يقدّم في كتابه هذا تقريرًا شاملًا عن التوغل الإسرائيلي الذي بدأ في حزيران 1982، وخلّف 19 ألف قتيل و31 ألف جريح و60 ألف مشرد، ودمر ربع العاصمة اللبنانية، كما جاء على ذكر المذبحة المروّعة في مخيمَي صبرا وشاتيلا.
الجرائم الإسرائيلية التي نقرأ عنها في منشورات صدرت منذ اكثر من ثلاثة عقود لا تزال تتكرّر وتتمادى


• كتاب 40 Km into Lebanon: Israel’s 1982 Invasion لتوماي ديفيس، وفيه عرض لتصاعد الأحداث منذ عام 1981 وحتى اندلاع الحرب عام 1982، كما يتضمّن خرائط لسير الغزو الإسرائيلي، مركّزًا على الشق السياسي للحرب أكثر من الجوانب الأخرى.
• كتاب " Dilemmas of Security: Politics, Strategy, and the Israeli Experience in Lebanon" للباحث الإسرائيلي أفنير يانيف، وهو عبارة عن دراسة شاملة حول الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 1982 وتداعياتها. يعرض يانيف العوامل التي ساهمت في صنع القرار الإسرائيلي، ويظهر من هم أصحاب القرار استناداً إلى بحث مكثف ومعرفته الشخصية بكيفية عمل حكومة الإحتلال الإسرائيلي وجيشه، كما واجه أسئلة صعبة أثارها الصراع، أحدها: لماذا لجأت «إسرائيل» إلى القوة لحل مشاكلها؟
«أحرَقوا
هدموا المنازل على من فيها
شرّدوا آلاف العائلات والأطفال
قتلوا آلاف المدنيين الأبرياء
قصفوا المساجد والكنائس والمستشفيات
بَصماتهم في كل قرية ومدينة في جنوب لبنان، وفي البقاع، وفي الجبل، وفي كل حي من أحياء بيروت الغربية والضاحية الجنوبية»
جاء ذلك في مقدمة المسلسل اليومي للحرب الخامسة من كتاب «اجتياح بيروت» الذي أعدّته «وكالة مختارات الأخبار العربية والعالمية» (1983) التي يرأس تحريرها رجا سري الدين. يكاد هذا الكتاب يكون واحداً من المراجع القليلة التي توثّق جرائم العدو بالتاريخ والأحداث التفصيلية والصُوَر. تضمّن الكتاب تقارير ووثائق سياسيّة متزامنة مع أحداث الحرب.

* مزيد من الأدبيات عن الحرب الخامسة وحصار بيروت على موقع القوس



سيرة جريمة

4 حزيران 1982
«قصف الطيران الإسرائيلي في 11 غارة متتالية منشآت المدينة الرياضية ومخيمات صبرا وشاتيلا وبرج البراجنة وطريق المطار وبئر حسن، وأغارَ على منطقتي النبطية والزهراني في الجنوب».

6 حزيران 1982
«اجتاحت القوات الإسرائيلية جنوب لبنان، بعد ساعات على صدور قرار مجلس الأمن الرقم 508 الذي دعا إلى وقف فوري ومتبادل لإطلاق النار في لبنان. ودخلت الأراضي اللبنانية ثلاثة ألوية إسرائيلية معززة بالدبابات وناقلات الجند على ستة محاور في القطاعات الشرقي والأوسط والغربي. وتقدمت القوات الإسرائيلية على جبهة عرضها 90 كيلومترًا، من شبعا شرقًا حتى صور غربًا».

9 حزيران 1982
«استمرت العمليات الإسرائيلية في الشوفين الأعلى والأوسط والساحل الممتد من خلدة إلى السعديات مرورًا بالدامور، وفي الجنوب والبقاع الغربي».

10 حزيران 1982
«قصفت الطائرات الإسرائيلية أحياء في منطقة بيروت الغربية وضاحيتها الجنوبية وصبّت قذائفها عشوائيًا على محلات صبرا والفاكهاني وشاتيلا. وفي البقاع أغارت على طريق بعلبك - حمص وألقت بصواريخها على قافلة من السيارات المدنية... فسقط 60 قتيلًا و200 جريح معظمهم نازحون من مناطق القتل».

25 حزيران 1982
«تعرّضت بيروت الغربية وضاحيتها الجنوبية لقصف وحشي مجنون لم يسبق له مثيل من البر والبحر والجو حصد أكثر من 400 شخص بين قتيل وجريح».

2 تموز 1982
كشفت صحيفة «تايمز» البريطانية أن الجيش الإسرائيلي استخدم على نطاق واسع وبكثرة القنابل العنقودية (المحرّمة دوليًا) ضد المدنيين في لبنان».

5 تموز 1982
«الحصار الإسرائيلي المضروب على بيروت الغربية، وضاحيتها الجنوبية، شمل الماء والكهرباء والمواد التموينية والصحية».

11 تموز 1982
«اشتعلت بيروت، وأمضت يومًا هو الأعنف منذ بدء الغزو الإسرائيلي، وقد تساقطت القذائف على مدى 18 ساعة متواصلة».

16 تموز 1982
«شددت القوات الإسرائيلية الحصار التمويني على بيروت الغربية وضاحيتها الجنوبية، ومنعت مرور قافلة أغذية وأدوية ترفع علم الصليب الأحمر، وكذلك منعت عبور شاحنات طحين وصهاريج محروقات».

28 تموز 1982
«واصلت إسرائيل قصفها البربري المجنون على بيروت الغربية والضاحية الجنوبية، مستهدفة المناطق والأحياء السكنية الآهلة بالسكان».

1 آب 1982 – الأحد الأسود
«ألف قذيفة سقطت فوق بيروت الغربية والضاحية الجنوبية. زهاء 26 ألف طن متفجرات، حصدت آلاف الأبنية وعشرات الشهداء، وغيّرت معالم الشوارع والطرقات والأحياء».

2 آب 1982
«خرقَت إسرائيل وقف إطلاق النار التاسع، وقصفت بشكل مركّز أحياء حي السلم والليلكي ومخيم برج البراجنة».

10 آب 1982
«واصلت إسرائيل تصعيدها العسكري برًا وبحرًا وجوًا، ضد بيروت الغربية والضاحية الجنوبية».


كتاب ويلات وطن - روبرت فيسك (1946-2020)
«تصرّف الإسرائيليون بوحشية، وأساؤوا معاملة الأسرى، وقتلوا آلاف المدنيين، وكذّبوا في وصف ما قاموا به من أعمال، والحقيقة هي أنهم تصرفوا بالطريقة غير المتحضرة التي كانوا في السنوات الثلاثين الماضية ينسبونها إلى الجيوش العربية للحطّ من شأنها.
«إن انهيار الصورة الإنسانية لإسرائيل لحظة مدمّرة في تاريخها. فقد كان لأخبار حصار بيروت الغربية - بخاصة التلفزيونية التي يظهر فيها جيش في غاية القوة وهو يقصف في أكثر الأحيان مناطق مدنية - تأثير لا يوصف على الرأي العام في الغرب. فأولئك الذين كانوا يشعرون - ولو بدون وعي - أن إسرائيل راعية القيم والأخلاق في عالم مضطرب اضطروا إلى إعادة النظر في ذلك. وليس هناك ما يثير الدهشة في أن مناصري إسرائيل في الخارج - وخصوصًا يهود الشتات - أصيبوا بصدمة كبيرة وتملّكهم الشعور بالغضب عندما رأوا الشواهد والأدلة».

"نمتُ قبل ساعتين .. وضعتُ قطعتي قُطنٍ في أُذنيّ ونمت بعدما استمعتُ إلى نشرة الأخبار الأخيرة، لم تقل إنّي ميّت، معنى ذلك أنّني حيّ».