صحيح أن نسب المقاطعة لم تكن فاقعة في غالبية المناطق السنيّة، إلا أنّ سعد الحريري لم يخسر. من حاول أن يدسّ السم لرئيس تيار المستقبل وجرّب أن يرث تركته الزرقاء «أكل نصيبه».«مات الملك... عاش الملك»، لم تنطبق على جمهور «دولة الرئيس» الذي بقي على عرشه، يحمل غرباله ويراقب من اشترى ومن باع، ومن كان انتهازياً في علاقته بالتيار ومن بقي وفياً خلال تعليق عمله السياسي.

(هيثم الموسوي)

من يتواصلون مع الحريري ينقلون عنه أنه «مرتاح» بعدما تحرّر من «ثقالاته» ومن الأعباء والالتزامات التي كان يحملها في المرحلة الماضية. ويؤكدون أنه يتحضّر للعودة إلى لبنان قريباً. العين ستكون موجّهة، بالدرجة الأولى، إلى التيار الذي ضُربت «خرزته الزرقاء» وشارك عدد من كوادره في الانتخابات النيابية كتفاً إلى كتف مع الرئيس فؤاد السنيورة، خلافاً لرغبة رئيسه، خصوصاً أن «دولته» على اطّلاع على ما تورّط به مسؤولون محسوبون عليه في الانتخابات في عدد من المناطق. أولئك «لم يكسروا كلمته»، لكنهم أوهموا بعض المرشحين بأن التيار يدعمهم مقابل مبالغ مالية. أحدهم، مثلاً، من المقربين من الحريري، «باع» ماكينة انتخابية مستقبلية «بما فيها» إلى أحد المرشحين في الشمال مقابل أرقام خيالية!
دائرة الحريري من الموثوق بهم صارت ضيّقة، وتقتصر على أشخاص لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة. وهذا يعني أن «النفضة» قريبة بغية إعادة هيكلة التيار، وهو يعمل حالياً على درس أسماء المسؤولين عن القطاعات والكوادر بعناية فائقة مع المقربين منه.
هذا تنظيمياً. أما في السياسة، فإن الحريري الذي جلس في «بلاد الغربة» يتفرّج على الانتخابات من دون أن يصفّق حماسةً حتى، «فاز» بالانتخابات التي لم ينكفئ عنها تماماً، بل لعب من تحت الطاولة لـ «زرع» مرشحين في أكثر من لائحة، ولـ«فركشة» الرئيس فؤاد السنيورة والقوات اللبنانية في أكثر من دائرة، كما في تجيير الأصوات لنبيل بدر وعماد الحوت في بيروت، وفي دعم بلال الحشيمي (في زحلة) الذي يؤكد مستقبليون أنه من حصة الحريري لا السنيورة. وعليه، يملك الحريري اليوم «عدة» سياسية هي أشبه بنواة كتلة نيابيّة سنية (أحمد الخير، عبد العزيز الصمد، محمد سليمان، وليد البعريني، نبيل بدر، بلال الحشيمي، ويمكن أن يضاف إليهم في بعض الملفات ياسين ياسين وعماد الحوت، وشخصيات مسيحية) جاهزة للانتظام ضمن كتلة تيار المستقبل متى أراد رئيسه العودة عن تعليق العمل السياسي.