على اللبنانيين من حملة الجنسية الفرنسية، ممن يقيمون في لبنان ويودون المشاركة في الانتخابات التشريعية الفرنسية لاختيار نائب عن الدائرة العاشرة لفرنسيي الخارج (يقع لبنان ضمنها) أن يحفظوا هذا الاسم جيداً: أوريلي بيريلو، هي مرشحة حزب الجمهوريين (يمين الوسط) عن هذه الدائرة ومعروفة بتأييدها وحماستها لدولة العدو. وتصل بيريلو إلى لبنان الاربعاء في زيارة تستمر حتى نهاية الأسبوع تعقد خلالها اجتماعات مع ممثلين عن الجالية وشخصيات لبنانية.وتضم الدائرة العاشرة، إضافة للبنان، دولاً عربية أخرى (العراق وسوريا ومصر والسعودية والبحرين والإمارات وعمان والأردن وقطر واليمن والسودان)، ودولاً أفريقية، ويظهر تجرؤ حزب الجمهوريين على ترشيح بيريلو مدى انحيازه لإسرائيل، واستهانته بعقول الناخبين من ذوي الأصول العربية ومشاعرهم.
ما يعنينا نحن، هو كتلة الناخبين هنا. ويمكن لأي منهم، للاطلاع على مواقف ونشاطات المرشحة الداعمة لإسرائيل، مراجعة حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً تغريداتها على «تويتر» والتي تجهر فيها بانحيازها الكامل، العقائدي والسياسي، للكيان الصهيوني، وبكراهيتها للإسلام.
مساواة العداء للصهيونية باللاسامية هي من ثوابت الحرب الأيديولوجية - الإعلامية التي تشنها إسرائيل على أنصار القضية الفلسطينية في الغرب. عندما كُتب شعار «تسقط إسرائيل» على جدار معهد العلوم السياسية في باريس، لم تتردد بيريلو، بالرد في تغريدة (13/04/2021)، مطالبة السلطات بالتحرك ضد ما تراه عداء لليهود. الأمر نفسه ينطبق على الترويج للإسلاموفوبيا بحجة الذود عن حرية النقد والتعبير، والذي تلعب فيه اللوبيات الصهيونية دوراً مركزياً. فقد دعت بيريلو، في تغريدة (17/10/2020) أعادت فيها نشر رسم مسيء للنبي محمد من مجلة «شارلي إيبدو»، الفرنسيين لفعل الأمر عينه «تصديا للإرهاب والإسلام الراديكالي».
غير أن الأهم من مواقف المرشحة الصهيونية هي مشاركتها في أنشطة اللوبي الإسرائيلي عبر إحدى أبرز منظماته العاملة على المستويين الفرنسي والأوروبي، وهي الشبكة الأوروبية للقيادة (ELNET) التي تعرّف نفسها على موقعها باعتبارها «منظمة لا تبغي الربح تكرّس جهودها لتعزيز العلاقات بين إسرائيل وأوروبا على قاعدة القيم الديموقراطية المشتركة والمصالح الاستراتيجية». وقد نظّمت الشبكة زيارة شارك فيها 36 عضواً في البرلمان الفرنسي لإسرائيل في 18/07/2021، تخللها اجتماع مع رئيس وزراء العدو، نفتالي بينيت، وجولة على مواقع عسكرية صهيونية شملت موقعاً للقبة الحديدية في جنوب الكيان، بحسب ما ذكر على موقع الجيش الإسرائيلي على «تويتر» (19/07/2021). وقد حرص النائب في الكنيست عن حزب «يامينا» اليميني المتطرف، يومتوب كالفون، ذو الأصول الفرنسية، على الإشارة في تغريدة في 21/07/2021، إلى أهمية هذه الزيارة ودور أوريلي بيريلو في إطارها. وفي الواقع، فإن مثل هذه الزيارات لا تهدف فقط إلى تنمية العلاقات بين إسرائيل وفرنسا، خصوصاً في الميادين العسكرية والأمنية، حيث نشهد تعاوناً متعاظماً بين الطرفين، وهو ما لفت إليه الباحث جان ستيرن في سلسلة مقالات على موقع «شرق 21»، بل أيضاً لتقديم إسرائيل على أنها نموذج يحتذى في مجال «مكافحة الإرهاب والتطرف»، ما يعزّز نفوذها بين النخب السياسية والعسكرية - الأمنية الفرنسية.
قيام حزب يميني فرنسي، دخل في طور متقدم من الاحتضار السياسي، بترشيح عضوة فاعلة في اللوبي الإسرائيلي لتمثيله لا يثير الدهشة. ما يثير الاستنكار، وليس مجرد الدهشة، هو مجيئها إلى لبنان. الحد الأدنى من الوطنية يقتضي مقاطعة زيارتها والمطالبة برحيلها فوراً.