ما زالت القنوات اللبنانية منشغلة بنتائج الانتخابات النيابية التي أُجريت في 15 أيار (مايو) الحالي، وبعدها بتأزّم الوضع السياسي الداخلي في خضمّ التجاذبات المحلية والإقليمية. هكذا، لم تجد المحطات فرصةً لتحضير برمجة خاصة بـ «عيد المقاومة والتحرير» الذي يصادف اليوم الأربعاء الذي يحتفل فيه اللبنانيون بالذكرى الـ 22 على اندحار الجيش الإسرائيلي عن جنوب لبنان. لذا، اكتفت الشاشات بإعادة عرض أفلام ووثائقيات من الأرشيف من وحي المناسبة، في مقابل تعزيز برامجها السياسية المنشغلة بمعمعة الانتخابات وتداعياتها، خصوصاً مع ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية. في المقابل، غابت بعض القنوات بشكل شبه كلي عن الحدث، كأنّه لم يعد من أولوياتها. حتى إنّ بعض المحطات فوجئت بسؤالنا عن برمجة العيد، على اعتبار أن هذه المناسبة منسيّة في هذه الفترة، لتعود وتؤكّد بأنّها ستمرّ على المناسبة في مقدمة نشراتها الإخبارية أو في ريبورتاجات خجولة. لكن ما تُجمع عليه القنوات، هو غياب البرمجة الواسعة الخاصة بتلك المناسبة، باستثناء قناة «المنار» التي تتميّز سنوياً بمشاريعها التي تدور في فلك التحرير والمقاومة، وتعيد لقطات التحرير التي لا تزال خالدة في ذاكرة المشاهد.في هذا السياق، قامت «الأخبار» بجولة سريعة على القنوات للوقوف عند برمجتها والأفلام التي ستُعرض في هذه المناسبة. لكنّ «الميادين» تعيش حالة ضياع بالنسبة إلى برمجة «عيد المقاومة والتحرير»، إذ تلفت مصادر لنا إلى أن الشاشة لم تحسم برمجتها لغاية كتابة هذه السطور، مؤكدة في الوقت نفسه، أنها ستبثّ وثائقيات من وحي المناسبة في الأيام المقبلة. في المقابل، توضح المصادر بأن «الميادين» قرّرت هذا العام، تعزيز موقعها الإلكتروني بجملة مشاريع من وحي العيد، ستعرضها تباعاً على منصاتها، خصوصاً أنّ المحطة التي تتخذ من بيروت مقرّاً لها، تضع ثقلها على منصاتها، حيث تعرض أعمالاً حصرية بالتوازي مع عروض على الشاشة الصغيرة.
تفتح قناة nbn هواءها الصباحي من داخل استديوهاتها


لا يغيب «عيد المقاومة والتحرير» عن برمجة nbn، إذ تخصّص المحطة المحلية هواءها اليوم لهذا الحدث، عبر عرض مقابلات من وحي المناسبة. تبدأ nbn مشاريعها باكراً، بفتح هوائها الصباحي من داخل استديوهاتها بمقابلات تستعيد فيها الحدث الذي يطفئ شمعته الـ 22.
على الضفة نفسها، يكتفي «تلفزيون لبنان» بإحياء «عيد المقاومة والتحرير» من خلال نشرة الأخبار المسائية فقط. أما في قناة «الجديد»، فتغيب المشاريع المخصّصة لهذا اليوم، وتحضر المناسبة بخجل، وكذلك الحال بالنسبة إلى قناتي lbci و otv اللتين تغيبان كلياً عن الحدث.
وحدها «المنار» تتوقّف عند «عيد المقاومة والتحرير»، إذ تخصّص برمجة كاملة من وحي المناسبة. قررت القناة وضع الأزمة السياسية الداخلية جانباً، وإلقاء الضوء على أهمية الحدث التاريخي الذي خطّ بطولات المقاومين وانهزام الجيش الإسرائيلي. باكراً، بدأت المحطة المحلية الاستعداد لـ «عيد التحرير»، إذ بثّت قبل أيام مشاريع تلفزيونية من أرشيفها وأخرى جديدة ستُعرض خصيصاً للمناسبة. وتلفت مصادر من «المنار» إلى أن القناة جنّدت فريقها الإخباري لإعداد تقارير تستعيد فيها أجواء المناسبة وأبعادها السياسية، إضافة إلى إعادة عرض أفلام وثائقية كُشف عنها سابقاً، لكنها تُوثّق العيد بكل تفاصيله.
في هذا السياق، بدأت «المنار» قبل أيام، باستعادة «عيد التحرير» من خلال عرض باقة من البرامج التي تستمرّ حتى نهاية هذا الأسبوع. ويلفت مصدر لـ «الأخبار» إلى أن «المنار» استبقت يوم 25 أيار بجملة مشاريع تسلّط الضوء على التحرير، وتوثّق الحدث من زاوية فرحة الناس بتحرير مناطقهم، وإلقاء الضوء على هزيمة الجيش الإسرائيلي. مساء السبت الماضي، عرضت القناة فيلم «السرّ المدفون» (إخراج علي غفاري ـــــ كتابة محمود غلامي ورضا إسكندر) الذي أبصر النور عام 2015، ولعبت بطولته كارمن لبس، ويوسف حداد، وباسم مغنية وغيرهم. كذلك عرضت «المنار» وثائقي «سقوط تسادال» (يُعرض جزؤه الثالث غداً الخميس) الذي يلقي الضوء على مصير العملاء الذين تعاونوا مع الجيش الإسرائيلي. كما تعرض «المنار» مساء اليوم (22:00) فيلم «حبل كالوريد» (إنتاج مشترك بين «الجمعية اللبنانية للفنون - رسالات» و«هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني» - بطولة الممثل اللبناني جورج شلهوب - إخراج الإيراني مسعود أطيابي، وتأليف الكاتب اللبناني عبد القدوس الأمين). الفيلم الروائي يحمل بخطابه روح المقاومة والتمرّد على الظلم والاحتلال، من خلال قصة مزارع بسيط يقيم في إحدى القرى الجنوبية، التي كانت محتلة من قبل العدو الصهيوني. يقدم الجنود على احتلال منزله وتحويله إلى ثكنة عسكرية. هنا، يقرّر «أبو هاني» استعادة منزله بالمقاومة، رافضاً سلوك الذلّ والانصياع. إلى جانب هذا الفيلم، تعرض المحطة مجموعة أخرى من الأفلام والوثائقيات الخاصة بهذه المناسبة.

قرّرت «الميادين» تعزيز موقعها الإلكتروني بجملة مشاريع من وحي العيد


على الضفة نفسها، تعرض «المنار» الليلة حلقة خاصة من برنامج «بانوراما اليوم» (20:30) الذي تقدمه منار صباغ التي ستجول على وقع العيد ورمزيته السياسية والاجتماعية. تكشف صباغ في حديث معنا أن حلقتها الليلة ستكون داخل الاستديو لمواكبة حديث الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. وتشرح أن الحلقة تتضمن عدداً من المحاور، من بينها مقابلات مع أهل النصر الذين واكبوا الاحتلال والتحرير. كذلك، تركز حلقة «بانوراما اليوم» على طبيعة الصراع القائم بين المقاومة والعدو الاسرائيلي، مع مجموعة من المحللين من بينهم الصحافي الزميل وليد شرارة. لن تكتفي المحطة بذلك، بل صوّرت حلقة خاصة بعنوان «يوم العودة» يقدّمها محمد نسر وستُعرض مساء السبت المقبل. في هذا الإطار، يكشف نسر لنا أنّ القناة صوّرت حلقة كاملة داخل معتقل الخيام الذي شهد أفظع الممارسات بحق المعتقلين والأسرى. يوضح المقدم بأن الحلقة ستنطلق على وقع الأناشيد الدينية، وتدور الكاميرا داخل المعتقل، ليتحدث في الحلقة كل من الأسرى المحررين: الوزير السابق محمد فنيش، وعلي خشيش، ورسمية جابر ومجموعة محررين. يوضح المقدم أنّنا «سنتعرّف إلى الجانب الآخر من فنيش الذي كان أسيراً في المعتقل الإسرائيلي. كذلك سيطل في الحوار عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق ليتحدث عن المعتقل». ويوضح نسر أن الحلقة ستستحضر ذكريات المعتقل، وانطلاق الشرارة الأولى للتحرير وأهمية المعتقل السياسية والاجتماعية.
باختصار، تحتفل القنوات اللبنانية بـ «عيد المقاومة والتحرير» بخجل هذا العام، ولولا برمجة «المنار» لغابت تلك المناسبة كلياً عن الشاشة الصغيرة.