أنا اخترقتُ الجبل، لكسر قاعدة الصمت السائدة منذ عشرات السنين. وها هي تُكسر بامتياز فيدبّ القلق عند الذين اعتقدوا طويلاً أن الجبل مُلكُ عائلة أو عائلتين.أنا الذي اخترقتُ الجبل كي أعطي أملاً لكل إنسان، مهما كان فقيراً ومتواضع الحال وابن عائلة عادية بسيطة، بألا يشعرَ بالدونية أمام العائلات الكبيرة والاقطاعيات التي تعاملت مع الناس كأتباع لا شركاء.
أنا اخترقت الجبل كي أوزّع على 10 آلاف مريض منذ 13 عاماً الدواء المجّاني الذي احتاجوا اليه، او ماتوا قبل الحصول عليه.
أنا اخترقت الجبل لمساعدةِ الفقراء والأرامل والثكالى على تحمّل ظروف القهر والحصول على قوت يومهم بشيء من الكرامة، لا بالتسوّل والذل والوقوف على أبواب الأغنياء مالاً والفقراء عاطفة ورفقاً بالفقراء.
أنا اخترقت الجبل وعملت مع المشايخ الأجلاء لتعزيز المصالحة الوطنية وتمتين الروابط الروحية والسياسية بين الدروز أولاً، ثم مع اخوتنا المسيحيين الذين كنا وما زلنا معهم عماد هذا الجبل، حيث تآخت الكنائس مع الخلوات لزمن طويل قبل أن يركب البعض صهوات الدول والقوى الخارجية فعزّزوا الفتن.
أنا اخترقت الجبل كي أكمل الطريق الذي بدأه أبي قبلي في نشر الوعي عبر إدارته مدرسة قريتنا المتواضعة بإمكانياتها والكبيرة بآمالها وطموحاتها. فبدأتُ بالصحافة وأزعجت، ثم أكملت بالسياسة فأقلقت.
أنا اخترقت الجبل للشروع في حملة واسعة لمكافحة الفساد، كي يشعر ابن الجبل وكل مواطن في بلادنا الجميلة، بأن نتاج أرزاقه وتعبه وعرق جبينه، سيعود له، وليس لمن ينصّبون أنفسهم قادة على الفقراء، يأخذون من أرزاقهم ويعيدون اليهم فُتات النعمة واللقمة الممزوجة بالقهر والتعب والذل.
أنا اخترقت الجبل كي أحافظَ على وصايا ومبادئ وثوابت دين وحكمة وفلسفة التوحيد وجوهره، ومارستُ ذلك في حياتي الشخصية وحياة أبنائي، مستنيراً بتراثنا العريق والعميق، وبهدي مشايخنا الأجلاء رحمة الله على من رحل منهم وأطال بأعمار من بقي وصمد وحافظ على روح وأصالة معتقدنا الفريد.
أنا اخترقت الجبل لأحافظ على فكرة العروبة الحقيقية التي ما اهتزّت بقلبي وعقلي يوما، ولا ترنّحت ولا تغيّرت نصرةً لقضايا العرب من فلسطين الحبيبة، وثورة الجزائر المجيدة الى كل دولةٍ عربية ظُلمت أو تعرّضت للقهر والتدمير والتفتيت تارة باسم الحُريّة المزيّفة وتارة باسم مُدّعي الإسلام. هي فكرة العروبة نفسها التي ناضل لأجلها المعلم كمال جنبلاط ولم يساوم، وحاولنا الحفاظ عليها وتطويرها ولم ولن نساوم، رغم كل الاتهامات المُغرضة التي يُراد منها اقصاء كل من يهزّ عروشاً جاثمة على صدور الناس منذ مئات السنين.
أنا اخترقت الجبل لأوظّف كل قرشٍ لمصلحة أهلي وناسي، فوضعتُ أسس مستشفى كبير، على أمل أن تصبح موئل الفقراء والمحتاجين ومتواضعي الحال، ونستمر في عدد من المشاريع الرائدة في مجال الحفاظ على البيئة والأرض والارزاق واستصلاحها كي نأكل من أرضنا وأرزاقنا.
أنا اخترقت الجبل كي أساعد من لا واسطة عنده، في فتح أبواب مؤسسات الدولة أمامه، ليس للحصول على أصوات عائلته أو لتأكيد تبعيتها، وإنما لأن كفاءته العلمية والشخصية تكفي للحصول على وظيفة مُحترمة بلا ذُلٍّ على أبواب الزعماء، والقادة، والوزراء، والنوّاب.
أنا اخترقت الجبل كي أجعل الآخرين الذي استقرّوا على عرش الزعامة طويلاً يعودون الى ناسهم، ويستشيرونهم، ويعاملونهم من موقع أصحاب الكرامة، لأن المنافسة جعلتهم يشعرون بالقلق وبالحاجة الى التعامل مع الناس باحترام لا من منطلق التبعية أو الولاء الأعمى بلا حسيب ولا رقيب.
أخيرا، أقول، أنا ابن هذا الجبل الأشم، أجدادي وأهلي من مؤسسيه، نحن هنا منذ مئات السنين، راسخين كسنديانة، شامخين كصنوبرة، صامدين كجبل، صلبين كصخر، والذي مثلنا لا يُمكن أن يُتهم بالاختراق، فلا نحن جئنا على هودج عُثماني، ولا على دبابة فرنسية. نحن هنا من أصل الجبل ولسنا مُخترِقين، وسنستمر وننجح، ولا شك أن ما قيل عن أننا نخترق الجبل هو العنوان الأول لفوزنا عليهم. والآتي أجمل