«بين حانا ومانا»، ضاعت عقود 82 طبيباً مراقباً متعاقداً في مديرية العناية الطبية في وزارة الصحة العامة. فقد فوجئ المعنيون في وزارة الصحة، على عتبة الموعد السنوي لتجديد عقود هؤلاء، باختفائها من الدوائر المعنية، حتى بات الاعتقاد لدى البعض أنها... ليست في المبنى.بدأت القصة مطلع العام الجاري مع تجهيز عقود التجديد للعام الحالي، والتي قام وزير الصحة العامة فراس أبيض بتوقيعها لتكمل خطّ سيرها نحو مجلس الخدمة المدنية ومنه إلى مجلس الوزراء ومن ثمّ إلى وزارة المالية. وبحسب الإجراءات الرسمية، طلبت وزارة المالية العقود السابقة للاطّلاع عليها، لكونها أساسية في إتمام العقود الحالية وضمان حصول الأطباء على مستحقاتهم المالية، إلا أن ما لم يكن في الحسبان هو اختفاء العقود السابقة، بحسب ما ينقل مصدر لـ«الأخبار»، وهو الأمر الذي أدّى إلى تعليق البتّ بالملفات.
وفي الوقت الذي لا يملك فيه أحد هناك جواباً دقيقاً لما يحصل، بدأت تساق بعض التكهنات حول ما يمكن أن يكون مصيرها. وفي هذا السياق، ينقل المصدر لـ«الأخبار»، عن موظفين في الوزارة قولهم إن عقود الأطباء لعام 2021، والتي على أساسها تجدّد عقود العام الحالي، ربما أخذها الوزير السابق حمد حسن مع انتهاء فترة عمله في الوزارة، خصوصاً أنه «بالتسلسل الإداري لوحظ أنها انتهت عنده». ولئن كان هذا الاحتمال هو الأكثر ترداداً في أروقة الوزارة اليوم، إلا أن ثمة احتمالين آخرين يهمس بهما بعض الموظفين، مرجحين أن تكون تلك الملفات «قد أحيلت إلى أرشيف الوزارة أو أنّها أُخفيت من قبل موظفة في قسم المحاسبة داخل الوزارة بسبب كيديات ومناكفات أسبابها شخصية»، على ما يضيف المصدر.
ولاستطلاع السبب، تواصلت «الأخبار»، مع الوزير السابق حمد حسن، الذي أكد أن مهمته انتهت «مع التوقيع على العقود وقد خرجت من مكتبي»، متسائلاً باستغراب «ثم ما الحاجة لكي آخذ تلك العقود معي»، ومشيراً إلى «أنني كنت مندفعاً لتحصيل حقوق هؤلاء». وأضاف حسن إلى أنه في تلك الفترة عمل على إدخال أطباء متعاقدين بديلاً لمن تقاعد منهم أو ترك العمل «وقد ناضلت للحصول على موافقات استثنائية من مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية وبعدما حصلت عليها وقّعت العقود». ولذلك، بحسب حسن، فإن قصّة الاختفاء «لم تحدث في مكتب الوزير»، وإن كان لا يبرئ «البعض ممن كانوا يريدون أن يحصلوا على حصتهم».
يوضح وزير الصحة العامة فراس الأبيض أن هذا الملف كان قد وقّع عليه مراقب عقد النفقات في وزارة المالية وأُرسل إلى مجلس الوزراء، لكن لم يكن ممكناً تمريره استثنائياً في الفترة التي انقطعت فيها الحكومة عن الاجتماع فتأجّل البتّ به. وعندما حرّكت الوزارة الملف مجدداً فوجئت بضياع العقود، ومع أن مراقب عقد النفقات كان قد وقّع عليها إلا أنه طلب أن يراها مجدداً وهنا وقعت المشكلة لأنها غير موجودة في أي مكان.
إلى ذلك، وفي ظلّ توقف تعليق العقود إلى حين حلّ لغز الاختفاء، أرسل الوزير أبيض عقب اجتماعه بالأطباء المعنيين في القضية كتاباً إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء لطلب استثناء هؤلاء الأطباء، ومن المفترض أن يطلب مجلس الوزراء الرأي القانوني من المعنيين (مجلس الخدمة المدنية أو هيئة التشريع) لتبرير هذا الاستثناء ولحفظ حقوق الأطباء.