يشكو ضيوف السفير السعودي في بيروت وليد البخاري من غموض سعودي في ما خصّ الانتخابات النيابية. أكثر من شخصية حضرت الولائم التي أقامها البخاري لسياسيين، جماعات أو فرادى، عبّرت عن «خيبة وحسرة» بعدما شكّلت عودة الدبلوماسي للبعض «بارقة أمل» بعودة المملكة إلى لمّ حلفائها. غير أن «حرص» البخاري على عدم الإعلان عن موقف واضح في ما خص الانتخابات، باستثناء كلام عام، لا يعني أن السعودية لا تتحرك داخل الحلبة الانتخابية، بل كل ما في الأمر أنها بدّلت في استراتيجيتها السياسية والمالية.مصادر متابعة تؤكد أن للرياض «حليفاً رئيسياً هو سمير جعجع»، أما في ما يتعلق بالطائفة السنية فـ«ليس هناك قيادة سنّية تتبناها المملكة، بل تتبنى توجهاً عاماً ضد حزب الله ورئيس الجمهورية ميشال عون»، وخصوصاً أنها «لم تعُد تنظر إلى الانتخابات كمحطة مفصلية لتغيير الوضع الراهن». ضمن هذا الإطار، يدخل «الدعم» الذي تقدمه السعودية للرئيس فؤاد السنيورة، والذي تدّعي مصادره بأنه «دعم كلامي حتى الآن». أما ما يؤكده ناشطون انتخابيون في دائرة «بيروت الثانية» عن أموال يوزّعها السنيورة وفريقه الانتخابي، ما يطرح علامات استفهام عمّا إذا كان «الدعم المالي» قد وصل، فتنفيه مصادر مطلعة، مشيرة إلى أن «المال الذي بدأ يُصرف هو من تمويل شخصيات بيروتية تدعم حركة السنيورة»، لافتة إلى أن الأخير «موعود بالمساعدة السعودية».
الشح المالي السعودي ليس سياسة عامة تتبعها المملكة التي بدأت تُغدق على عدد من الجمعيات، وهو ما أبلغه السفير السعودي في لقائه الأخير مع رئيس الجمهورية، إذ أكد التزام بلاده بتقديم المساعدات للشعب اللبناني من خلال ما يسمّى الصندوق الفرنسي ــــ السعودي الذي اتفق عليه وليّ العهد محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون، مع العلم بأن هذا المال «لن يمر عبر مؤسسات الدولة، لكنه لن يكون بعيداً عن إشرافها».
ليست هناك قيادة سنّية تتبناها المملكة بل تتبنى توجّهاً عاماً ضد حزب الله ورئيس الجمهورية


حتى الآن، لم تتوافر المعطيات الكافية عن الجهات والجمعيات والمجموعات التي تحظى أو ستحظى بهذه المساعدات، لكن الأكيد أن «القوى السياسية التقليدية، باستثناء حزب القوات، المعروفة بقربها من المملكة لم تصرف لها أي ميزانية»، كما تقول مصادر مواكبة للحراك الانتخابي، مؤكدة أنه «على عكس ما يروّج له، لا تضع المملكة العاصمة بيروت أولوية بقدر ما تركز على مناطق أخرى يعتبر فيها إفقاد حزب الله أو حلفائه مقاعد خسارة حقيقية للحزب الذي أعلن أمينه العام أنه يخوض أيضاً معركة إنجاح حلفائه».
من جهة أخرى، وفيما كرر الرئيس سعد الحريري في الفترة الأخيرة من خلال لقاءات افتراضية مع مسؤولين في تيار المستقبل أنه غير معني بالحراك السعودي، وبأن أي شخص في التيار يثبت له نشاط انتخابي سيعاقب بالطرد، لوحظ في الفترة الأخيرة أن السنيورة نجح في استمالة شخصيات مستقبلية، سياسية وإعلامية، عرفت بقربها من الحريري الأب ثم الابن، وأن هؤلاء بدأوا يشنون هجوماً على مقربين من الحريري واتهامهم بالعمل على ضرب لائحة السنيورة في بيروت.