راهن أساتذة التعليم الثانوي أمس على بيانٍ يقلب طاولة التسويات وربط النزاعات ويعيد الحسابات إلى المربع الأول، سيّما أنّهم مع بداية شهر نيسان لم يتقاضوا سوى أساس راتب حتى بدون بدل تنقل لأسباب غير مفهومة إلى اليوم، وإذ ببيانٍ يصدر عن روابط التعليم مجتمعة تطلب فيه بعد إنشائيات ووصف للحال المعلوم لدى الجميع مواعيد من كلّ من رئيس الجمهورية، رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة.لم يصدق بعض الأساتذة ما صدر، متسائلين في ما بينهم: هل هذه نكتة؟ هل البيان مفبرك؟ نحن اليوم بانتظار مواعيد؟ يضيف أحدهم ساخراً: سأطلب من صاحب مولّد الكهرباء الانتظار لما بعد المواعيد الثلاثة للدفع. الجو العام للأساتذة مشحون بالاستياء، وهم يترحّمون على أيام الرابطة السّابقة التي كانت حساسة أكثر لمطالبهم رغم كلّ ما أحاط بعملها من شوائب.
حتى اللحظة لا المساعدة الاجتماعية من وزارة التربية (90 دولاراً على سعر صيرفة) دُفعت عن الشهر الجاري ولا نصف الراتب المقرّ في المرسوم 9022 دُفع. راتب الملايين الثلاثة لا يكفي لأكثر من أسبوع في الأيام العادية فكيف اليوم بما أنّنا نعيش أيام شهر رمضان إسلامياً، وعيد الفطر يحلّ خلال أواخر نيسان، وأسابيع الأعياد مسيحياً (الفصح المجيد)، وعلى هؤلاء الأساتذة بهذه الفتات التنقل من وإلى مدارسهم أربع مرات أسبوعياً والصرف على عائلاتهم ودفع مستحقاتهم من فواتير وغيرها، ما دفع بعضهم إلى التكتل في الثانويات وإعلان عدم القدرة على الذهاب يومي الثلاثاء والأربعاء القادمين إلى مراكز عملهم.
كما يتخوّف الأساتذة من مضمون المرسوم 9022 الذي على أساسه قامت وزارة المالية بجدولة دفع أنصاف الرواتب شهرياً ابتداءً من منتصف شهر أيار 2022، ويرون في هذه الجدولة خطوة غير بريئة لأن التأجيل إلى ما بعد الانتخابات النيابية يضعهم أمام ضغط كبير من إمكانية ضياع هذه المساعدة ولا سيّما أنّه في هذه الفترة تُعتبر الحكومة مستقيلة وبالتالي تتراجع إمكانية الضغط لتحقيق أي أمر، ويضيف عارف بأجواء الهيئة الإدارية أنّ وزير المال لا يردّ على هاتفه للمراجعة بطريقة الدفع فكيف يتوقعون الحصول على مواعيد من الرؤساء الثلاثة خلال أسبوع؟
إلى فروع رابطة التعليم الثانوي التي اجتمعت أيضاً وأصدرت توصيات بالإضراب وعدم انتظار تحديد أي مواعيد، مستعملةً لغةً قاسيةً بالرّد على بيان الروابط، ففرع عكار رفض "الأداء الانهزامي المتراخي"، ورأى أحد أعضاء هذه الفروع أنّ هناك قلّة خبرة في إدارة العمل النقابي من قبل الهيئة الإدارية وكأنّها على كوكب آخر، وبعد الاجتماع الذي عُقد بينها وبين الهيئة الإدارية التي يسعى بعض أعضائها للتصعيد بوجه وزارتَي المال والتربية تقرّر التعليم اليوم الثلاثاء مع الاعتصام داخل الثانويات لعدم كسر قرار الروابط والإضراب يوم غد الأربعاء. قرار "تنفيسي" يصفه أحد الأساتذة فلا أحد يهتم لوضعنا اليوم من أهل الحكم، وعلينا التفكير في طرق جديدة للتحرّك.