سلامة الاستثمار في معامل إنتاج الكهرباء، وضمان وصول الطاقة الى المشتركين ومختلف مؤسسات الدولة وإداراتها مهدّدان نتيجة شحّ الأموال من مؤسسة كهرباء لبنان. ورغم أن للمؤسسة حساباً في مصرف لبنان يوازي 400 مليار ليرة، يستمر المصرف باحتجاز هذه الأموال رافضاً تحويلها الى الدولار وفقاً لسعر الصرف الرسمي لضمان دفع المستحقات الى المتعهدين والقيام بأعمال الصيانة والتأهيل.تأثير هذه الإشكالية لم يعد حكراً على السكان والموظفين، بل يضع الاستحقاق الانتخابي المقبل على المحك لناحية عدم القدرة على تأمين الكهرباء لمراكز الاقتراع وعدم ضمانها تأمينها طوال اليوم وخلال عملية الفرز، ما يعرّض كل العملية الانتخابية للطعن. وقد أبلغت مؤسسة كهرباء لبنان رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية عبر وزارة الطاقة، منذ نحو شهرين، بأنها لن تكون قادرة على توفير الكهرباء لكل مراكز الاقتراع في يوم الانتخابات. بناءً عليه، عُقد اجتماع بين المؤسسة ووزارة الداخلية وأُبلغ الوزير بسام مولوي بأن توفير الطاقة لمراكز الاقتراع حصراً عملية معقدة تقنياً وتحتاج الى وقت ولا إمكانية لإنجازها، وأن البديل من ذلك هو تأمين الكهرباء من مولدات يمكن أن توفرها البلديات، على أن تسدد الداخلية قيمة المحروقات بالعملة الأجنبية، إضافة إلى إمكان استخدام نحو 500 مولد صغير تمتلكها الوزارة لتغطية 500 مركز اقتراع. لكن، حتى الساعة، لم تكشف وزارة الداخلية على أيّ من هذه المراكز للتثبّت من إمكانية تشغيل هذه المولدات، رغم أن تجربة 2018 كانت سلبية عندما تعذّر وصل بعض المولدات بسبب صعوبات تقنية. وقبل نحو شهر وبضعة أيام من موعد الانتخابات، تؤكد مصادر مواكبة أن رئاسة الحكومة والداخلية لا تتعاطيان كما ينبغي، علماً بأن مؤسسة الكهرباء أكّدت لوزير الداخلية أن كلفة تأمين الكهرباء خلال عمليتَي الاقتراع والفرز قد تصل إلى 16 مليون دولار «فريش» بدل المحروقات والخدمات وبدلات المتعهدين ومشغّلي معامل الإنتاج.
رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية تتعاملان باستهتار مع احتمال انقطاع التيار عن مراكز الاقتراع والفرز


الخطورة في كل ما تقدّم هي في تضييع الوقت الى حين الوقوع في المشكلة، أو ربما تعمّد استجرارها، علماً بأن وزير الطاقة وليد فياض أرسل الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء رسالة منذ نحو شهر بضرورة تأمين دولار فريش لضمان الحدّ الأدنى من سلامة الاستثمار لقطاعات الإنتاج والنقل والتوزيع في مؤسسة كهرباء لبنان ولا سيما للأشهر الأربعة المقبلة. وشددت الوزارة على أن العملات الأجنبية ضرورية لتسيير المرفق العام ضمن الحد الأدنى، وخصوصاً بعد ورود رسائل عدة من جانب مؤسسة كهرباء لبنان تتخوف فيها على سلامة الاستثمار في معملَي دير عمار والزهراني نتيجة تراكم المستحقات غير المدفوعة للمتعهدين. كما أن موعد استحقاق الكشوفات العامة في المعملين يستحق خلال العام 2022، وعدم إجراء هذه الكشوفات في دير عمار والزهراني كما في الذوق والجية سيضع المعامل خارج الخدمة. وطلبت وزارة الطاقة تحويل مبلغ الـ 400 مليار ليرة الموجود في حسابات مؤسسة كهرباء لبنان في مصرف لبنان وكل المبالغ الإضافية التي سترد إليها خلال الأشهر الستة المقبلة من الجباية الى الدولار الأميركي بحسب السعر الرسمي؛ لتتمكن المؤسسة من الاستمرار في تأمين التيار الكهربائي الى المشتركين وضمناً المؤسسات العامة. وتمنّت وزارة الطاقة رفع الرسالة الى مجلس الوزراء والطلب من مصرف لبنان تنفيذ هذا التحويل بانتظار تعديل التعرفة الكهربائية.