فرحة مناصري حركة أمل بحضور رئيسهم نبيه بري حفل إطلاق الماكينة الانتخابية في قضاء الزهراني، الجمعة الماضي، نغّصها خطاب جديد عليهم حذّر من قدرة الخصوم على الفوز. هم الذين اعتادوا اكتساحاً أخضر للقضاء جعل من كل استحقاق نيابي فيه، منذ 30 سنة، أشبه بتزكية.في المقابل، تسجل قوى الاعتراض في دائرة صور - الزهراني، اليوم، لائحتها المكتملة المدعومة من الحزب الشيوعي اللبناني و«حراك صور» و«مواطنون ومواطنات في دولة» و«النادي العلماني». وهي تُضاف إلى لائحة أخرى غير مكتملة سجلت يوم الجمعة الماضي ضمّت شخصيات مستقلة (رياض الأسعد ويوسف خليفة وبشرى الخليل وحسن خليل).
اللائحتان أدخلتا الزهراني للمرة الأولى منذ سنوات في جو المعارك الانتخابية. في انتخابات 2018، تمايز القضاء الذي ينتخب بري نائباً منذ ثلاثين عاماً بعنصرين: الأول أنه مع صور سجّل الحاصل الانتخابي الأكبر من بين الدوائر كافة (حوالي 25 ألف صوت)، والثاني فوز أحد المقعدين الشيعيين في الزهراني بالتزكية بسبب قلة عدد المرشحين. أما انتخابات 2022، في مرحلتها التحضيرية، فيميّزها ليس فقط ارتفاع عدد المرشحين في وجه لائحة ثنائي أمل وحزب الله، وإنما خطاب بري الأخير الذي اعتبره خصومه «فوزاً مبكراً بصرف النظر عن نتائج الاقتراع». وقد أقرّ رئيس المجلس، في حفل إطلاق الماكينة في المصيلح، بتأثير المرشحين المعارضين في «الجنوب الثانية»، محذّراً المناصرين من «تقليل المروة يوم الانتخاب والعدول عن التصويت لأن النجاح محسوم»، وتحدث عن «إنفاق ثلاثين مليون دولار في هذه الدائرة فقط من قبل المعارضين». وبأسلوب غير معهود منه، خصّ المرشحة بشرى الخليل بإشارة من دون أن يسميها، عندما قال: «يدنا ممدودة للجميع، ولكن ليس لمن تعامل مع القذافي وصدام حسين».
أسباب كثيرة بدّلت المشهد في الزهراني بين 2018 و2022، من دون أن يأمل معارضو «أمل» إحداث خرق في مقاعده الثلاثة (شيعيان وكاثوليكي). لم يكن بري بحاجة إلى استعراض المشاريع التي أنجزتها الحركة في الجنوب، من المدارس إلى الآبار والمستشفيات والطرقات، فتلك لازمة يرددها مناصرو الحركة في كل لقاء. مكتب بري في المصيلح «تحوّل إلى سرايا موازية لسرايا صيدا»، بحسب رئيس نادي النجمة الثقافي الرياضي شوقي يونس. «كل أنواع الخدمات التي تقدمها الوزارات يعيّن عليها حركيون يقومون بدور الوزراء ضمن معادلة الواسطة، من الدخول إلى المستشفى إلى الدخول إلى الجيش»، حتى «ندر الشيعي الذي حظي بوظيفة رسمية، من حاجب إلى مدير عام، من دون واسطة المكتب»، مشيراً إلى تجربته في بلدته الصرفند. فالنادي الذي تأسس عام 1969، جمع أبناء المنطقة المنتمين إلى الأحزاب اليسارية والوطنية والقومية، لكن مع تنامي نفوذ «أمل» في المنطقة بداية التسعينيات، تحوّل معظم اليساريين والوطنيين والقوميين إليها، ربطاً بـ«منظومة المصالح الوظيفية والخدماتية». في السنوات الأخيرة، يربط يونس، السوري القومي الاجتماعي تربّعه على رئاسة النادي وابتعاد بعض أعضائه عن فلك الحركة، باستبعاده عن المباريات والأنشطة والدعم من وزارة الشباب والرياضة والبلدية. لذلك، لا يستغرب يونس صعوبة خرق المشهد التمثيلي في الزهراني.
بعد انتفاضة 17 تشرين، تعقّد المشهد في القضاء الأخضر. في الساحات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، هاجم كثر أداء «أمل» ورئيسها وعائلته، في الدولة والشأنين العام والخاص. ورغم أن عدداً منهم نال نصيبه من الضرب أو التهديد وحتى الطرد من الوظيفة، لكن صدى الهجوم لا يزال يرنّ في أذهان حركيين دعوا إلى إصلاح الخلل داخلياً. وفي هذا الإطار، أبدى أحد المسؤولين الحركيين خشيته من الانتخابات المقبلة في الدائرة. «أكلنا الآخرون» قال، في إشارة إلى الفارق الكبير في الأصوات التفضيلية بين نواب حزب الله وأمل، معدّداً عوامل عدة؛ منها إحجام 35 في المئة من المنظّمين الحركيين عن الاقتراع بسبب خلافات داخلية. وخلص إلى القول: «ما خلّونا» في إشارة إلى «رغبة بري بتغيير النواب، لكن الفريق الذي من حوله أعاق ذلك».
من جهة أخرى، لم يفاجئ مسيحيي صور والزهراني تمسك حركة أمل بترشيح النائب ميشال موسى، للمرة السابعة، عن المقعد الكاثوليكي في الزهراني. الطبيب، ابن بلدة مغدوشة، لا يزال الأقرب إلى رئيس «كتلة التنمية والتحرير». في مجالسه الخاصة، يشير بري إلى صمود موسى في بلدته بعد أحداث مغدوشة ودوره الكبير في لجان العودة.
لائحتان في وجه الثنائي وثلاثة مرشحين عن المقعد الكاثوليكي


في إطلاق الماكينة الانتخابية للزهراني، حيّا بري حوالي 33 ألف ناخب مسيحي بين الزهراني وصور. فيما المعترضون على «مصادرة رئيس المجلس نواب المسيحيين» اكتفوا بالاعتراض فقط. فقد ترشح عن المقعد الكاثوليكي ثلاثة فقط، من بينهم موسى نفسه، بخلاف انتخابات 2018 عندما ترشح ستة وتدخلت الأحزاب المسيحية الكبرى (التيار الوطني الحر والكتائب والقوات) لحثّ المسيحيين على إسقاط موسى. من مغدوشة، ثاني مدينة كاثوليكية في لبنان، ترشح بيار كنعان وهشام حايك. الأخير اختار لائحة المعارضة المدعومة من «حراك صور» والحزب الشيوعي، رافضاً الانضمام إلى لائحة الأسعد - الخليل «بسبب الخلاف على المواقف». الطبيب سيكون المنافس الوحيد لموسى بعد خلوّ لائحة الأسعد والخليل من تمثيل كاثوليكي. في اتصال مع «الأخبار»، يربط حايك الإحجام عن الترشح بـ«الانطباع التاريخي السائد بالإحباط وعدم الاهتمام لأن الصوت المسيحي في الجنوب لا يؤثر على النتيجة لتباين الأحجام بينه وبين المكونات الأخرى»، مؤكداً أنه يطمح إلى نتيجة مختلفة في الانتخابات المقبلة، مراهناً على «توحّد المسيحيين المعترضين على اختلاف انتماءاتهم» حوله «لأنهم وحدهم يستطيعون تأمين حاصل للائحة في حال أقبلوا على الاقتراع».