تستضيف بيروت في 16 حزيران المقبل الاجتماع الدوري للجنة الاستشارية لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم (أونروا). في العادة، تلتئم الدول الأعضاء المضيفة والمانحة الـ 28، مرتين في السنة، لمناقشة القضايا المشتركة. ويرأس لبنان اللجنة منذ نهاية العام الماضي، ويتوقع أن تُمدّد رئاسته لعام إضافي. ويسعى منظمو الاجتماع المقبل إلى أن تتمثل الدول الأعضاء على مستوى وزراء الخارجية بسبب التحديات التي يواجهها استمرار عمل الوكالة. وفي انتظار الوفود المشاركة جولات على المخيمات الكبرى للإطلاع على ظروف معيشتها، في وقت تزداد الهوة اتساعاً بين المخيمات الفلسطينية ومؤسسات «أونروا»، وتُنظّم يومياً احتجاجات أمام مقرات الوكالة أو داخل المخيمات رفضاً لتراجع خدماتها وتقليص ميزانيتها.ويربط كثر تعثر عمل الوكالة بـ«مخطط دولي لإغلاقها تمهيداً لإنهاء حق العودة وتوطين الفلسطينيين في دول الشتات». و«نظرية المؤامرة» هذه تعزّزها معطيات وصلت أخيراً إلى مرجعيات فلسطينية حول مخطط للأمم المتحدة لدمج هيكلية «أونروا» بمهمات أخرى تابعة لها في لبنان.
وفي التفاصيل، بحسب مسؤول في أحد الفصائل الفلسطينية الرئيسية، فإن الأمم المتحدة «وجهت، قبل أقلّ من شهر، كتاباً إلى لبنان تعلمه بخطتها لإلحاق جهاز أمن الأونروا بقوات اليونيفيل». ورغم أن رئيس لجنة الحوار اللبناني- الفلسطيني باسل الحسن نفى لـ«الأخبار» وصول مثل هذا الكتاب، علمت «الأخبار» أن فصائل فلسطينية طالبت الحسن باستثمار الاجتماع المقبل للجنة الاستشارية لحسم رفض لبنان مخطط الدمج الذي تطرحه دول غربية وفق مسارات عدة: الأول مسار تضغط باتجاهه دول كألمانيا وفرنسا لدمج «أونروا» بالمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، والثاني يضغط لدمج مؤسسات الوكالة بالوزارات المعنية في الدول المضيفة. فيما تضغط الدول الاسكندينافية لتحويل «أونروا» إلى وكالة مستقلة بإشراف البرامج الدولية كالبنك الدولي لضبط الهدر والتوظيفات العشوائية.
الحسن حسم رفض اقتراحات الدمج، إذ «نرفض دمج الأونروا بمفوضية اللاجئين تماماً لأن اللجوء الفلسطيني يختلف عن النزوح السوري. وتعد الوكالة التزاماً دولياً تجاه الشعب الفلسطيني للاعتراف بحق العودة»، مشيراً إلى أن موقف لبنان الذي تعده لجنة الحوار لعرضه في الاجتماع المقبل «يقوم على طلب الإصلاح في الأونروا على قاعدة النقاش العقلاني مع القيمين عليها».
علماً بأن مخططات دمج الأونروا في مؤسسات الدول المضيفة (لبنان وسوريا والأردن) ليست طارئة، بل عمرها من عمر تأسيس الوكالة عام 1949. أبرز أوجه الدمج كان في قطاعات العمل ما يسهّل دمجهم في محيطهم الجديد. وفي هذا الإطار، أسست الوكالة عام 1951 صندوق إعادة الدمج بهدف نقل مسؤولية إدارة الإغاثة إلى الدول المضيفة في مهلة عام. لكن برامج «التشغيل من أجل الإندماج» فشلت بسبب خشية اللاجئين من التوطين.
وفي برنامج الاجتماع المقبل أيضاً، البحث في زيادة موازنة «أونروا». وبحسب الحسن، تضخ الوكالة سنوياً بين 200 و300 مليون دولار. لكن «حاجات الفلسطينيين في لبنان زادت أخيراً بسبب الأزمة الاقتصادية وغلاء المعيشة». أما على صعيد الدعم، فقد استأنفت الولايات المتحدة الأميركية المساهمة في التمويل في عهد الرئيس جوزيف بايدن بعدما أوقفها سلفه الرئيس دونالد ترامب. لكن دول الخليج لا تزال تحجب مساهماتها المتوقفة منذ حوالي ثلاث سنوات. وينبّه الحسن إلى أن تقليص المساهمات في مقابل ازدياد الحاجات قد يؤدي إلى انهيار «أونروا» تلقائياً من دون مؤامرة.
جهات رسمية لبنانية خضعت لضغوط لمنح الفلسطينيين حقوقاً مدنية مقابل مساعدات اقتصادية؟


على صعيد متصل، تتبادل الفصائل في ما بينها معطيات تفيد بأن «جهات رسمية وأحزاباً لبنانية وازنة خضعت لضغوط من دول مانحة للموافقة على منح الفلسطينيين جميع الحقوق المدنية، في مقابل مساعدة لبنان على الخروج من انهياره الاقتصادي».
وكانت لجنة الحوار أطلقت بالفعل، في 2 آذار الجاري، فريق عمل يضم ممثلين عن الوزارات الخدماتية يبحث في «تحديد سياسة الدولة تجاه الفلسطينيين» بحسب الحسن، استناداً إلى أجندة اللجنة (شكلتها حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2005) التي تسعى لمنحهم حقوقهم المدنية والمعيشية وصولاً إلى بحث ملف نزع السلاح خارج المخيمات وضبطه داخلها. علماً بأن اللجنة رعت قبل سنوات جلسات حوار بين ممثلي الأحزاب اللبنانية حول الملف الفلسطيني، أنتج ورقة سياسية توافقت على منحهم الحقوق المدنية باستثناء حق الانتخاب والجنسية.