بعد 12 عاماً، استعادت إسبانيا، للمرة الثانية، قيادة اليونيفيل بعد تعزيز مهمة حفظ السلام عقب عدوان تموز 2006. فرنسا ثم إيطاليا اللتان تحظيان بأكبر عديد بين القوات، إلى جانب إسبانيا، تناوبتا القيادة. كانت إسبانيا خارج النادي في غالب الأحيان، قبل أن تعود إليه، رغم أن بعض الدول المؤثرة في مجلس الأمن، ومعها العدو الإسرائيلي، أوصت بإعادة تعيين الجنرال الإيرلندي مايكل بيري (تولى القيادة عام 2016).نظراً إلى تجربة سلفه الجنرال آلبرتو أسارتا الذي تولى القيادة مطلع 2010، يتوسّم بعض الجنوبيين بلاثارو، انحيازاً أقل إلى إسرائيل. وفي الحد الأقصى، يأملون بانفتاح أكبر تجاههم كما فعل أسارتا الذي دعا نائب حزب الله علي فياض إلى غداء في مقر إقامته في الناقورة.
يحتاج لاثارو وقتاً ليؤسس لتموضع متمايز له ولبلاده عن أداء الدول الأخرى في حال كان هذا توجّهه. ولأن أمامه لائحة طويلة من التحديات والاختبارات، يسرّ لمن حوله بأنه يحتاج لمزيد من الوقت للتواصل مع السكان والتصريح للإعلام. لذلك، حوّلت أسئلة «الأخبار» إلى الناطق الإعلامي باسم القيادة أندريا تيننتي. علماً أن القيادة الإسبانية هذه المرة تأتي في زمن باتت مهمة حفظ السلام تستخدم مصطلحات عدائية ضد الجنوبيين، على خلفية الإشكالات التي وقعت في عدد من البلدات. ورغم الرفض الشعبي لدخول الدوريات إلى ممتلكات خاصة، لا تتراجع اليونيفيل عن «حقها بالحرية الكاملة للحركة» استناداً إلى اتفاقية مع الحكومة اللبنانية أبرمت قبل سنوات من صدور القرار 1701. إذ يؤكد تيننتي أن «حرية حركة اليونيفيل الكاملة وأمن وسلامة أفرادها جزء لا يتجزأ من التنفيذ الفعال لمهامنا. حرمانها من حرية الحركة والاعتداء على من يخدمون قضية السلام أمر غير مقبول وينتهك الاتفاق بين لبنان والأمم المتحدة». تقف اليونيفيل عند اتفاقية وقعت عام 1997 وتتجاهل اتفاقيات لاحقة قضت بعدم دخول الأحياء السكنية وتصويرها. ولدى مراجعتها من قبل الفعاليات، تربط تدابيرها بـ«حماية المدنيين» الذين تتناساهم في أوقات التوتر وتلتزم مقارها المحصنة.
تغيير «قواعد الاشتباك» لم يقتصر أخيراً على حرية الحركة الكاملة. بل طاول تبديد العرف الذي فرضته اليونيفيل نفسها بمرافقة الجيش اللبناني لتحركاتها في المناطق المأهولة. وبحسب تيننتي، فإن «القوات المسلحة اللبنانية شريك استراتيجي لليونيفيل وتنسق معها عن كثب. لكن ليس لزاماً عليها أن تكون برفقتها أثناء الدوريات أو الأنشطة الأخرى التي يتم معظمها بشكل مستقل». واستناداً إلى «الأعراف» الجديدة، من المنتظر بأن تتكرر الإشكالات للأسباب نفسها.
عامل إضافي قد يذكي الإشكالات، في ما لو اعتمدت اليونيفيل في دورياتها مركبات صغيرة مزودة بكاميرات مراقبة دقيقة تعوض عن فشلها في تركيب أبراج مراقبة في مواقع استراتيجية في نطاق عملها. تيننتي نفى الأمر، مختصراً إجابته بـ«كلا».
«الأعراف» الجديدة التي ترسيها اليونيفيل قد تؤدي إلى تكرار الإشكالات التي شهدها عدد من القرى


تحدي المراقبة والرصد اللذين تسعى اليونيفيل إلى تعزيزهما، يترافقان مع «حق المرور الكامل» بعد «حق الحركة الكاملة». إذ تحدثت معلومات عن «امتيازات تمنح لحاملي بطاقة اليونيفيل من مدنيين وعسكريين بالمرور بمطار بيروت من دون تفتيش». فمن يضمن هوية حاملي البطاقات التي تخضع الماكينة التي تطبعها للصيانة في مركز الأمم المتحدة في قبرص بين الحين والآخر؟. يرفض تيننتي التعليق على «أي إجراءات أمنية في وسائل الإعلام»، لافتاً إلى أن «كل إجراءاتنا الأمنية تنسق بشكل وثيق مع السلطات اللبنانية المسؤولة عن الأمن والقانون والنظام في لبنان». وعن الامتيازات المماثلة التي تمنح جنوداً ومدنيين من اليونيفيل، حق العبور إلى فلسطين المحتلة عبر معبر رأس الناقورة الحدودي، يجيب تيننتي: «لدى اليونيفيل اتصالات منتظمة وفعالة مع كلا الطرفين (القوات المسلحة اللبنانية والجيش الإسرائيلي) على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي 1701. تقوم البعثة بإبلاغ الأطراف بانتظام حول حالات العبور وتقدم قائمة بأسماء الأفراد العسكريين والمدنيين الذين يعبرون الحدود لتنفيذ الأنشطة المنوطة بهم. وهذه الاجتماعات جزء من أنشطة الارتباط والتنسيق المنتظمة بين اليونيفيل والأطراف». حركة العبور ازدادت في السنوات الأخيرة بعد استحداث مركز ارتباط وجهاز إداري وأمني إقليمي على مستوى الشرق الأوسط لعمليات حفظ السلام في تل أبيب!. وأخيراً، «تم ربط مكاتب اليونيفيل وأجهزتها بشبكة المعلوماتية الموحدة للأمم المتحدة في الشرق الأوسط»، ما قد يتيح للعدو الإطلاع على نتاج أي دورية قامت بها اليونيفيل في الجنوب.