يشكو البطريرك الماروني بشارة الراعي من أن حزب الله هو من أوقف التواصل معه من طرف واحد. حدث ذلك إثر الزيارة «الرعوية» المفاجئة التي قام بها الراعي لفلسطين المحتلة في أيار 2014. استمرت القطيعة طويلاً بين الطرفين، وصولاً إلى عام 2021، عندما تصدّى البطريرك الماروني لدور سياسي في ظل الانقسام العام في البلاد وتراجع التوافق بين القوى المسيحية نفسها. وفي شباط من العام نفسه، صرح الراعي بأن «التواصل مقطوع مع حزب الله منذ زيارتنا إلى القدس، ولم يحصل أي تواصل مباشر منذ فترة طويلة... أتمنى أن نجلس إلى طاولة حوار معهم».عقب ذلك، تحرّك وسطاء بين الجانبين، ولعب النائب فريد هيكل الخازن القريب من الطرفين دوراً بارزاً في الأمر، فعقد لقاء بين أعضاء لجنة الحوار شارك فيه المسؤول في حزب الله محمد الخنساء والأمير حارث شهاب، وجرى البحث في ترتيب لقاء على مستوى رفيع بين الجانبين. لكن الحملة التي قادها الراعي تحت عنوان «الحياد»، وبروز مواقف من شخصيات تصرّفت على أنها ناطقة باسم الكنيسة، لا سيما الوزير السابق سجعان قزي، أعادت القطيعة، وعطّلت مبادرة الخازن.
وعلمت «الأخبار» أن تطوراً طرأ على العلاقة بعد زيارة وزير خارجية الفاتيكان بول غالاغر لبيروت مطلع شباط الماضي، إذ إن الموفد البابوي تحدث أمام عدد كبير من المطارنة وشخصيات التقاها عن ضرورة الحوار المباشر مع حزب الله. وقد ناقش الأمر بالتفصيل مع البطريرك الراعي نفسه الذي وعد بالمبادرة إلى خطوات عملية.
وبحسب المعلومات، فإن اتصالات بعيدة من الأضواء سهّلت ترتيب اجتماع بين مندوبَين عن البطريرك الراعي والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. واتُفق في اللقاء على إعادة إطلاق الحوار بين الطرفين، وتشكيل لجنة جديدة قد تشهد تعديلات على مستوى ممثلي الطرفين في الحوارات التي يجري العمل على ترتيبها قريباً.
لقاء بين ممثلَين للراعي ونصر الله واتفاق على لجنة حوار جديدة


ويؤكد معنيون أن المرحلة الحالية ستشهد وقفاً لأي تصعيد إعلامي أو سياسي يمكن أن يأخذه كل طرف على الآخر. وإذا كان لحزب الله وضع تنظيمي يمنع أياً من قياداته من الاجتهاد في إطلاق المواقف، فإن الأمر يحتاج إلى جهد خاص من جانب بكركي التي ربما تكون مضطرة لإبلاغ بعض الشخصيات السياسية بضرورة عدم التحدث باسمها مباشرة أو مواربة كي لا تضطر إلى إصدار بيانات نفي.
يشار إلى أن النقاش حول الحوار بين بكركي وحزب الله، وإن كان يقتصر حتى اللحظة على حلقة ضيقة، إلا أنه موضع متابعة من مطارنة بارزين في الكنيسة المارونية، ينقسمون بين مؤيد ومعارض، علماً أن التيار الداعم للحوار بات يتصرف براحة أكبر بعد زيارة الموفد الفاتيكاني إلى لبنان.
ومن جانب حزب الله، يبدو الموقف محسوماً بأهمية الحوار المفتوح والشامل مع بكركي، إذ إن قيادة الحزب تعتبر أن الحوار مع الراعي يشكل ضرورة وطنية نظراً إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه الكنيسة ليس في تخفيف الاحتقان السياسي فحسب، وإنما في مواجهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية أيضاً.