ذوو الاحتياجات الإضافية مجموعة يمكن أن تتأثر صورتها بنهج السينما حيث تكون وجهة نظرهم سائدة أو معزولة. لذلك، لا شيء أفضل من السينما في التعبير عن الاختلافات. ونظراً لنقص التوعية والوعي والخبرة المباشرة للتعامل مع الإعاقة، توفر السينما نوعاً من علاقة بين المشاهد والأفلام التي تدور قصصها حول الإعاقة والشخصيات التي تقوم بدور أشخاص ذو احتياجات إضافية. الأفلام التي تصور شخصية من ذوي الاحتياجات الإضافية، تُظهر للجمهور كيف يتصرفون وبما يشعرون وكيف يتواصلون وكيف يختبرون الحياة. بعض الأفلام تظهر هذه الشخصيات وكيفية إيجاد طرق لعيش الحياة التي يريدونها. يمكن أن تساعد هذه القصص عن الشخصيات التي تعاني صعوبات جسدية أو فكرية في بناء تفاهم وتعاطف مع المشاهدين الذين لا يواجهون تلك التحديات
كان لتصوير هذه الأفلام، دور في تشكيل وجهات نظر عامة لهذه الشريحة. عبر التاريخ، عكست السينما أشكال إعاقة كثيرة، وهذا كان دائماً من وجهة نظر شخص من خارج هذه الشريحة. على الرغم من أن السينما خلقت نوع من الوعي والعلاقة والمفاهيم المهمة بين المشاهدين ونوع الإعاقة التي يدور حولها فيلم ما، لكنها خلقت في الوقت ذاته مفاهيم خاطئة لمجموعة من الإعاقات والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. في أفلام كثيرة في واقع الحال، يتركز الاهتمام على الصور النمطية الاجتماعية التي لا علاقة لها بالحياة اليومية لهؤلاء الأشخاص أو إمكانياتهم المختلفة. بعد قانون مكافحة التمييز ضد ذوي الاحتياجات الإضافية في العالم، تحسنت كيفية تعامل السينما معهم ولكن ما يزال هناك مجال كبير للمزيد من التوعية والمزيد من الأفلام التي تصورهم وتصور حياتهم بطريقة غير نمطية وبالطبع إعطاء أشخاص ذوي احتياجات إضافية أدواراً رئيسية.
أجبرت حركات #مي-تو و«حياة السود مهمة» هوليوود وغيرها من صناع الأفلام في إعادة التفكير في مواضيعهم واختياراتهم. ومع ذلك، على الرغم من الحساسية المتزايدة لتمثيل الجنس والعرق في الثقافة الشعبية ما يزال ذوو الاحتياجات الإضافية ينتظرون حركتهم.
يتركز الاهتمام أحياناً على الصور النمطية الاجتماعية التي لا علاقة لها بالحياة اليومية لهؤلاء الأشخاص أو إمكانياتهم المختلفة

من الصعب إبعاد الممثلين من أدوار الشخصيات ذات الإعاقة، هذه الأدوار كمغنطيس أوسكار: منذ عام 1947، من بين 59 ترشيحاً لممثلين يلعبون شخصيات ذات احتياجات خاصة، فاز 27 منهم بجائزة أفضل أو ممثل/ة في الأوسكار، بمعدل فوز 50% تقريباً. هذه مشكلة يعاني منها الأشخاص ذوو الإعاقة، ويبدو الأمر كأنه مواجهة. لذلك بدلاً من وجود فجوة كبيرة بين السينما وصانعي الأفلام والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة يجب أن يكون هناك مناقشة مفتوحة. وهذا موضوع للنقاش بعيداً من الحقوق الطبيعية التي يجب أن تمنح لهم في بداية الأمر. في السنوات الأخيرة، بذلت صناعة السينما جهوداً متضافرة لجعل كل اشكال الإعاقات التي تُصوَّر على الشاشة والإعاقات التي يتعامل معها الممثلون تجربة أكثر واقعية. لا يتعلق الأمر بـ «تطبيع» الاعاقات، بل يتعلق بخلق التعاطف والتواصل الفطري بين الممثلين والجمهور بغض النظر عن الإعاقة. ولكن ما يزال إلى اليوم هذا ليس كافياً.

الصور النمطية
نجد في السينما ما يبدو تعاطفاً عميقاً وتصويراً واقعياً للإعاقة، وإن كان يبدو للآخرين، بخاصة ذوي الاحتياجات الإضافية، ليس أكثر من قوالب نمطية واستعراضية وسخرية. وعلى الرغم من أن معظم الأفلام قدمت بالتأكيد للعديد من المشاهدين غير المعوقين أفكاراً جديدة حول الإعاقة، إلا أنها عملت على إدامة الصور النمطية والكلمات المتبذلة عن الإعاقة.



فيلم Forrest Gump (1994)

أكثرية المواضيع التي تتكرر في السينما ولها تأثير سلبي على ذوي الاحتياجات الإضافية تكمن في طريقة تقديمهم، مثلاً:
- الشخص المقعد دائماً يكون غاضباً ومريراً ولا يستطيع التغلب على قدراته المفقودة ويهاجم الأشخاص غير المعوّقين الذين يحاولون المساعدة فقط (The Intouchables).
- هناك أفلام تصور الكفيف على أنه متصوف «يرى» أكثر من المبصرين (Scent of a Woman).
- المصابون بمتلازمة داون دائماً ما يكونون فاضلين شبيهين بالأطفال، وبراءتهم وبساطتهم تضفي الخير والمحبة على الآخرين من حولهم (The Eighth Day).
- أحد أكثر المواضيع التي تتكرر فكرة كفاح الشخص ذي الاحتياجات الإضافية من أجل حقه في قتل نفسه (Me Before You).
- ليس من غير المـألوف أن يعاني الشرير من مرض عقلي، مع ميل خاص نحو جرائم العنف.
- شخصية البطل الخارق الملهم الذي ينظر إليها على أنها غير عادية أو بطولية لمجرد أنها تعاني من حاجة إضافية (Daredevil)
- سيناريو شائع آخر هو أن يُنظر إلى شخص على أن حالته يرثى لها أو لا حول له ولا قوة، لمجرد أنه يعاني من إعاقة.
- في أفلام عديدة، يُصوَّر ذوو الاحتياجات الإضافية على أنهم أشباه ملائكة (Forrest Gump، I am Sam، Rain Man).
لا ينبغي أن تكون الحاجة الإضافية زياً يرتديه الشخص القادر جسدياً ثم يخلعه


إن أفضل الطرق للتخلص من الصور النمطية اختيار ممثلين من ذوي الاحتياجات الإضافية للعب دور شخصيات تمثّل حياتهم الفعلية. لا نقول هنا أن على الممثل الذي لا ينتمي لهذه الشريحة ألا يمثل. هم ممثلون في النهاية، لكن ينبغي إعطاء فرصة لذوي الاحتياجات الإضافية، كي يزيد الوعي بالقدرات الفردية والحد من الحواجز الاجتماعية، وسيولّد مناقشة ويجعل الإعاقة مرئية ويزيد القبول وتعزيز الاندماج في المجتمع. لا ينبغي أن تكون الحاجة الإضافية زياً يرتديه الشخص القادر جسدياً ثم يخلعه.

بلا كلام
عندما فازت مارلي ماتلين بجائزة الاوسكار لأفضل ممثلة عن فيلم Children of a Lesser God أو «أبناء الصمت»، كانت أصغر فائزة بهذه الجائزة على الإطلاق، وواحدة فقط من بين أربعة ممثلات حصلن عليها في أول فيلم لهن. هذا حقائق مثيرة للإعجاب. ماتلين هي الممثلة الصماء الوحيدة التي حصلت على أوسكار وغولدن غلوب.

فيلم Children of a Lesser God (1986)

- في «أبناء الصمت» (1986) ظهرت مارلي بموهبة غير عادية. التحدي الأكبر كان التواصل بلا كلام، لكن ماتلين ارتقت بنفس طريقة نجوم السينما الصامتة وتكلمت بعينيها وإيماءاتها وجسدها. الشخصيات في الفيلم مغطاة بغموض تجاوز لغة الإشارة. تمكنت ماتلين من إعطاء حنان مرئي في كل حركة، ولأن لغة الإشارة في الفيلم ليست تمثيلاً فقط بل طريقة تواصل أصلية، كانت كل حركة صادقة وجعلت الشخصيات قابلة للتصديق أكثر. من خلال الفيلم يمكننا رؤية أن من الاستحالة تحريم لقاء حب بين شخص أصم وآخر يتكلم، واستحالة عدم تصديق كل شيء يخرج من الشاشة لأن الممثلين صادقون حتى في حركات أيديهم.
- هناك أفلام تكمن جاذبيتها الرئيسية في بساطتها، وتمتع إلى النهاية حتى لو كانت قصتها قابلة للتنبؤ. هذه هي الحالة في فيلم CODA (2021) التي يكمن سره في أصالته والتغلب على الحواجز المادية والجسدية خاصة من حيث تمثيل مجتمع الصم. في «كودا» هناك صوت للصمت، ومارلي ماتلين من جديد هي صوت هذا الصمت. كل شيء في الفيلم ينضح بالأصالة والواقعية، الحوارات دقيقة، بعضها نسمعها والبعض الآخر بلغة الإشارة. فيلم بلغتين مختلفتين وبطريقتين لمواجهة الحياة. الفيلم مرشح لثلاث جوائز أوسكار: أفضل فيلم وأفضل ممثل وأفضل سيناريو مقتبس.


«صوت» نتفلكس
17 أبريل 2015 كان يوماً مهماً لتقنية وصف الصوت، عندما أصبح مسلسل Daredevil أول عرض على منصة نتفلكس يتضمن وصفاً للصوت. تقنية وصف الصوت أو الفيديو الموصوف أو بشكل أدق الوصف المرئي، شكل من أشكال السرد يستخدم لتوفير المعلومات المحيطة بالعناصر المرئية الرئيسية لصالح الأشخاص المكفوفين وضعاف البصر.

20%
من السكان في الولايات المتحدة يعانون إعاقات، وفقط 2% من الأدوار في هوليوود مخصصة لهم. ومن هذه الـ2% يلعب ذوو الحاجات الإضافية 5% فقط، أما الباقي فممثلون بلا حاجات إضافية.

أوسكار 1947
هارولد راسل الممثل الوحيد من ذوي الاحتياجات الإضافية الذي فاز بجائزة الأوسكار، وهو محارب قديم فقد يديه خلال الحرب العالمية الثانية. حصل على جائزة الأوسكار عام 1947 عن دوره في فيلم The Best Years of Our Lives.

59
ممثلاً حصلوا على ترشيحات أوسكار للتمثيلهم أدوار ذوي احتياجات خاصة، فاز 27 منهم بجائزة أفضل أو ممثل/ة.