لم تصمد اللائحة المفترضة لائتلاف مجموعات المجتمع المدني في دائرة بيروت الأولى طويلاً. سريعاً، تمدّدت الخلافات حول آليات اختيار المرشحين ومحاولات البعض «التزعّم» لتهدد صمود اللائحة ومن فيها. قبل أسبوع، أثمر الائتلاف بين «تحالف وطني» الذي يضم النائبة السابقة بولا يعقوبيان و«مدينتي» عن لائحة قوامها إضافة الى يعقوبيان (أرمن أرثوذكس)، ثلاثة مرشحين ثابتين عن «مدينتي» هم: طارق عمار (أرثوذكس)، ندى صحناوي (كاثوليك) وليون تلفزيون (أرمن أرثوذكس). فيما تنافس على المقعد الماروني كل من: الناشط البيئي زياد أبي شاكر («وطني») والرئيسة السابقة للنادي العلماني في الجامعة اليسوعية فيرينا العميل («مدينتي»)، وعلى مقعد الأقليات سنتيا زرازير (مدعومة من العوني السابق زياد عبس وهو عضو في «وطني») وكل من: توفيق سعدي، ماي بولس («وطني») وجاك جندو («مدينتي»).الاثنين الماضي، عقد اجتماع بين «وطني» و«مدينتي» للاختيار بين المرشحين زياد أبي شاكر وفيرينا العميل، انتهى الى شرخ بين الطرفين نقلت بنتيجته العميل ترشيحها من الأشرفية الى المتن الشمالي. ما حصل وفق بعض الحاضرين، أن «تطبيق المعايير المنصوص عليها في آلية الاختيار أدّى الى تعادل أبي شاكر والعميل، إلا أن تحالف وطني قفز فوق الآلية وطريقة احتساب النقاط ليدّعي بأن أبي شاكر نال نقاطاً أكثر». ويقول أعضاء مجموعات منضوية في الائتلاف إن الجميع اتفقوا منذ البداية على آلية لانتقاء المرشحين بطريقة عادلة تراعي حاجة الدائرة، إلا أن يعقوبيان أصرّت على تفضيل مرشحين معيّنين. وبعد انتشار تسريبات عن فرضها أشخاصاً على اللائحة، ارتضت بعد أكثر من محاولة عقد جلسة لمناقشة المعايير، انتهت الى لا اتفاق، فـ«كسرت» العميل المشكل وقررت نقل ترشيحها الى المتن. إلا أن الخلاف الأساسي، بحسب البعض، أبعد من ذلك، ويعود الى «انزعاج من أداء يعقوبيان وإشارتها الدائمة الى أن اللائحة لائحتها لا لائحة الائتلاف، فتختار الأسماء وتدّعي أنها ملتزمة بما تقرره المجموعات». يعقوبيان، من جهتها، لم تشأ في اتصال مع «الأخبار» الخوض إعلامياً في الاتهامات، مشيرة الى أنها «أمور انتخابية لها علاقة بالسقوف التي تضعها المجموعات». وأكدت أنه في جلسة المعايير بين أبي شاكر والعميل «حازت العميل 130 نقطة وأبي شاكر 136 نقطة ونصف نقطة»، مشيرة إلى «أنني أدفع ثمن حرصي على الحفاظ على الوحدة». أما منسق الحملة الانتخابية لـ«مدينتي» داني بيطار، فنفى أن يكون أبي شاكر قد ربح على العميل، «بل حصل تعادل في الأرقام وفقاً للمعايير المعتمدة»، ما كان يجب معه عقد اجتماع بين المجموعات المتحالفة للاتفاق على معايير أخرى للحسم، «وهو ما لم يحصل». وأكد بيطار أن «مدينتي» متمسك بالتحالفات مع كل القوى التغييرية في بيروت الأولى ضمن المعايير المتفق عليها.
إلى ذلك، تؤكد مصادر الناشطين أن خلافاً آخر نشب على مقعد الأقليات بعد استبعاد المرشحة زرازير إثر نبش تغريدة لها تسيء فيها إلى الشعب السوري. عندها، عرض «مدينتي» مرشحه جاك جندو، فيما أشارت يعقوبيان وغيرها، بحسب المصدر، إلى أن هناك مرشحين من «وطني»، وأن جندو أُنزل في اللحظات الأخيرة بعدما اعتبر «مدينتي» أن تبني مرشّح عن الأقليات مربح، وأن الإصرار على العميل كان مناورة لفرض مرشحه على الأقليات. إلا أن ناشطين يؤكدون أن جندو مرشح «مدينتي» منذ بدء المفاوضات، وأن التحالف هو من يسعى إلى إسقاط مرشحين جدد على مقعد الأقليات بعد سقوط زرازير في امتحان المعايير الأولية، فكان أن أسقط اسم سعدي وهو مستقل لا ينتمي الى «وطني».
أما الخلاف الثالث فسببه ترشح زياد عبس، من تحالف «وطني»، عن المقعد الأرثوذكسي رغم الاتفاق المسبق على تبني ترشيح طارق عمار. وثمة من يبرر هذا الترشح بأنه «حق لعبس ومن المفترض إبقاء الباب مفتوحاً في حال حصول أيّ خلل في الائتلاف لتبقى تعدّدية الخيارات متاحة». وتؤكد مصادر «وطني» أنها «لم تخلّ يوماً بالاتفاق المبدئي الذي يثبّت ترشّح كل من عمار وندى صحناوي وليون تلفزيون. إلا أن مدينتي فاجأ التحالف وبقية المجموعات بمرشحين جدد من خارج الاتفاق».
في المحصلة، لائحة الائتلاف الوطني قد تنقسم الى لائحتين متنافستين، ونتائج هذا الشرخ لن تبقى محصورة في دائرة بيروت الأولى، علماً بأن ثمة ضرورة قد تعيد جمع الطرفين رغم خلافاتهما، وهي تأكيد منصّتَي «تغيير» و«كلنا إرادة» أن «المغتربين اللبنانيين» لن يقدّموا تمويلاً سوى في حال تكاتف المجموعات ضمن لائحة واحدة.