التأمت في بعبدا، أمس، جلسة ثانية لـ«اللجنة المصغّرة» للبحث في الاقتراح الخطي الذي قدّمه «الوسيط» الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة، عاموس هوكشتين، ويتضمّن تعديلات على الخط البحري الفاصل بما يعطي لبنان أقل من الـ 860 كيلومتراً مربعاً التي يتضمّنها الخط 23. وفي معلومات «الأخبار» أن أجواء اللجنة التي شارك رئيس الجمهورية ميشال عون في جانب من اجتماعها لا توحي «حتى الآن» بأن لبنان في صدد السير بأي خيار، وأنها تدرس «كل الاحتمالات». وأوضح مصدر مواكب للاجتماعات لـ«الأخبار» أن اللجنة «بحثت في مساوئ العرض الأميركي»، وأن رئيس هيئة إدارة قطاع البترول وسام شباط ومدير مصلحة الهيدروغرافيا في الجيش المقدم عفيف غيث تولّيا قدّما «شروحات تضمنت وجهة نظر تقنية» من الاقتراح، وحذّرا من المخاطر المترتّبة عن القبول بـ«طرح هوكشتين»، وهما تطرّقا إلى نقطتين: الأولى أن الخط الذي يقترحه الوسيط الأميركي مرسوم بطريقة غير تقنية. إذ لا يأخذ بقاعدة الانطلاق من رأس الناقورة، ويرتكز على خط متعرّج غير صالح للاستخدام وغير معتمد سابقاً، ما يفقده قوته القانونية، والثانية ضرورة رفض التنازل عن البلوك الرقم 8 الذي يسعى الإسرائيلي إلى الحصول عليه لعلمه بما يحتويه من ثروات. وبحسب المصادر، فإن هذه الشروحات «تؤسس لبداية سقوط الاقتراح»، مشيرة إلى أن ثمة خشية لدى الجانب اللبناني من أن اعتماد اقتراح هوكشتين الذي يتنافى والمعايير اللبنانية (كامل الخط 23) والدولية، قد يتحوّل إلى سابقة تبني عليها الدول المجاورة في أي عملية ترسيم لاحقة مع لبنان للمطالبة بـ«وحدة المعايير». لذلك، فإن التوقّع على نطاق واسع هو أن الصيغة بشكلها الحالي «ما رح تمرق». وفي معلومات «الأخبار» أن «التأجيل لمزيد من الدرس» هو الخيار المطروح حالياً، «ولا شيء نهائياً بعد»، ولو أن مصادر الاجتماع أشارت إلى «ملامح جواب» يجب أن يتبلور قريباً بناءً على «إجماع وطني ومن ضمن مسار التفاوض الذي يفترض أن يُستأنف بطريقة غير مباشرة لاحقاً». فيما تذهب أوساط متابعة للملف إلى الاعتقاد بوجود «مصلحة إسرائيلية ــــ أميركية في إشغال الجانب اللبناني في درس اقتراحات»، فيما يجري العمل في «حقل كاريش» وفقاً لما هو مُخطط له.ويتضمن الاقتراح منح لبنان الخط 23، لكن مع انحناءات وتعرّجات تجعل حقل قانا مُحرراً من أي استحواذ إسرائيلي، في مقابِل تخلّي لبنان عن الجزء الواقع إلى الغرب من الحقل، إذ ينحرف الخط نزولاً بشكل متدرج حتى يبلغ «خط هوف»، وما دون الخط المذكور حين يبلغ خط نهايته، وبذلك يكون لبنان قد نال ما دون مساحة الـ 860 كيلومتراً مربعاً التي يتضمّنها الخط 23. ويؤكد متخصصون أن التعرّج الذي يقترحه هوكشتين «يتيح للإسرائيلي أن يدخل إلى عمق مناطقنا ليشاركنا في الحقول». فموقع «البلوك 72 الإسرائيلي، يتيح للاحتلال في حال دخوله بغرض الاستكشاف، أن يمدّ يده إلى حقل قانا المجاور، وهذا يؤسّس لعقدة أسوأ من معضلة الغجر وليست أقل تعقيداً من قضية مزارع شبعا».
القبول بالطرح يؤسّس لسابقة تسمح لدول أخرى بالمطالبة باعتماده في أيّ ترسيم لاحق


وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن الاتجاه العام هو أن لبنان لن يتراجع عن الخط 23، والخيارات المطروحة هي «الرفض المطلق لكون الاقتراح «مجحفاً بحق لبنان، وغير متوازن مع التنازلات اللبنانية»، وبين «التحفظ وطلب تعديل الاقتراح أو توضيحه».
كل ذلك، لا يزيل «النقزة» من تصريحات بعض المسؤولين. فرئيس الجمهورية ميشال عون رمى الأمر على مجلس الوزراء، فيما تؤكد مصادر الحكومة أنها ستدرس أيّ اقتراح يأتيها عبر التسلسل متى راعى الشروط اللبنانية، وتحيله إلى مجلس النواب للدرس، في وقتٍ يتفرّغ فيه المجلس الحالي لإعادة إنتاج نفسه، ولا وقت لديه لدرس أيّ ملفات.
«ورطة هوكشتين» المتمثّلة بالاقتراح، يجدها البعض فرصة لبعض القوى السياسية لإنقاذ نفسها من وحول الملف، وذلك عبر رفض الاقتراح أو طلب إيضاحه، وتوظيف ذلك في صناديق الاقتراع.