تحوّل ملف ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة إلى صندوق أسرار تحاول الجهات التي تتولاه التستر على ما يحصل فيه، من دون أن يتبيّن حتى الآن المعاصي التي ترتكبها الدولة، والتي قد تؤدي إلى خسارة لبنان جزءاً من سيادته وثروته البحرية. المؤكّد أن الملف ورقة دسمة لمن يريد تحصيل مكاسب سياسية أو شخصية، والمؤكد أكثر أن أحداً لن «يتورط» في مقاومة الولايات المتحدة خوفاً من سيف العقوبات، لذا فإن القبول بالحد الأدنى الذي يريد الأميركيون أن يمنّوا به على لبنان هو ما يتسرب من لقاءات ما خلف الكواليس.هذا الأسبوع، انتقل ملف الترسيم إلى محطة جديدة تمثلت بتسليم السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا الرؤساء الثلاثة عرضاً مكتوباً، ترجمة للعرض الشفهي الذي حمله كبير المفاوضين في وزارة الطاقة الأميركية عاموس هوكشتين، بناءً على طلب لبنان، والمطلوب من لبنان الإجابة عليه، قبل أن يحدد الوسيط الأميركي موعداً لزيارة قريبة. العرض يقترح حصول لبنان على الخط 23 مشوّهاً، عبر إعطائه الخط 23، قبل أن ينحرف صعوداً عند البلوكين 8 و10، فيكونان مع القسم الخارجي من حقل قانا من نصيب العدو الإسرائيلي، إضافة إلى عرض آخر يتضمّن قيام شركة «توتال» من الجانب اللبناني وشركة «هاليبرتون» من الجانب الآخر بإدارة الحقول المشتركة، على أن يتم العمل على الحدود برعاية قطرية.
وبحسب مصادر مطلعة فإن رئيس الجمهورية بقبوله التفاوض على الخط 23 وفّر سلّماً للتوصل إلى حل، إلا أن العدو على ما يبدو لا يريد النزول عن الشجرة، بدليل عرض الخط المشوّه. كما أن الوسيط الأميركي يدرك تماماً بأنه خُدع من الإسرائيليين فقرّر الاستعاضة عن الزيارة بالرسالة، وبتهديدات السفيرة الأميركية، وبالاستمرار في رفض الإفراج عن إعفاءات من قانون قيصر لكل من مصر والأردن لتزويد لبنان بالغاز والكهرباء، لإبقاء هذا الملف رهينة ملف الترسيم.
لم يتم الاتفاق على أسماء أعضاء اللجنة التي تُدرس بين بعبدا والسراي


وعلمت «الأخبار» أنه تقرر تأليف لجنة تضم 8 أعضاء لدراسة «عرض هوكشتين» (ممثلان لرئيس الجمهورية، ممثلان لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، واثنان من وزارة الخارجية واثنان من وزارة الدفاع). وفيما يحتمل أن تضم اللجنة ممثلين عن الجيش ووزارات البيئة والأشغال والطاقة، أكّدت مصادر بارزة أن وزير الأشغال علي حمية أبلغ حزب الله بأن رئيس الحكومة يريده أن يكون من ضمن اللجنة، وأن الحزب أبلغه «موقفاً رافضاً»، مؤكداً أننا «لن نشارك في أي لقاء أو محادثات مباشرة عبر الوزير ولا بالواسطة تتعلق بملف الترسيم، خصوصاً إذا كانت اللجنة ستجتمع بوفود أميركية».
واستغربت المصادر أن يكون لبنان في صدد درس هذا الاقتراح فعلاً، علماً أن «الموقف منه يجب أن يكون الرفض ولا شيء غير الرفض»، معتبرة أن «موقف الحزب هو رد على عملية توريطه بالملف من خلال إشراك وزير الأشغال، ليس لكون وزارته معنية بالملف بل لأنه وزير حزب الله، ولأن مشاركته ستعطي انطباعاً بأن الحزب شريك في عملية التفاوض وهو ما يرفضه منذ البداية»، مستغربة أن «لا يكون من ضمن الوفد ممثل عن عين التينة التي تعد جزءاً من الحلقة التي يتفاوض الأميركيون معها، بشكل يبدو وكأن هناك جهة في البلد مستبعدة من القرار». وحتى الآن، لم يتم الاتفاق على أسماء أعضاء اللجنة التي تُدرس بين قصر بعبدا والسراي الحكومي.