رغم أنه أحد أبرز رموز هيئة علماء المسلمين، رفض الشيخ سالم الرافعي التحدث إلى «الأخبار» عن دوره الحالي في الهيئة التي ترأّسها سابقاً، ربطاً باتفاق أعضائها على أن «أي حديث باسم الهيئة منوط بمسؤول الإعلام فيها، ويتم اتخاذ أي موقف أو رأي بالتشاور. لذلك لست مخوّلاً الحديث عنها».لكن الامتناع عن التصريح لا يعني بأن أحد مؤسسي الهيئة فقد تأثيره فيها. فالرافعي الذي يمثل التيار السلفي في الهيئة، لا يزال يملك نفوذاً قوياً في توجهاتها ومواقفها وقراراتها، من خلف الكواليس، بعد انسحابه من المشهد الظاهر إلى مطبخ القرار إثر الملاحقات القضائية التي طالته في إطار ملف الأحداث الأمنية التي حصلت في طرابلس والشمال، من الاعتداء على الجيش اللبناني إلى معارك باب التبانة وجبل محسن.
نفوذ الرافعي على توجهات الهيئة في السياسة ليس محلياً فقط، بل يمتد إلى تحديد البوصلة من القضايا الإسلامية بحسب الارتباطات الخارجية للنافذين فيها. عند تأسيسها عام 2012، ظهرت «اللمسات القطرية» في مواقف الهيئة قبل أن تظهر «لمسات تركية». وفي كلتا الحالتين، كان الإطار إخوانياً أو سلفياً. الرافعي نفسه كان له دور في تعزيز العلاقات إقليمياً. فما هو دوره الآن؟ يؤكد أن «العلاقة مع قطر وتركيا شخصية وبعيدة عن الهيئة»، جازماً بأنه لا يملك أي امتياز استثنائي بسبب تلك العلاقة. «كأي مواطن لبناني، توجهت الى السفارة التركية منذ فترة بقصد خدمة. فبقيت أربع ساعات أنتظر دوري»، حاصراً علاقته بتركيا تحديداً بـ«الزيارة السياحية التي أقوم بها إلى هناك بين وقت وآخر».
محلياً، يفضّل الرافعي التعليق المختصر على قرار الرئيس سعد الحريري اعتزال السياسة، على غرار بقية أعضاء الهيئة. لكنه يقرّ بالتأثير الكبير لاعتزال تيار المستقبل العمل السياسي على الساحة السنية: «القرار كان مفاجئاً. لا نعرف حيثياته ولم نطّلع عليه ولا شك أنه فاجأ الجميع، وترك فراغاً كبيراً، ليس عند الطائفة السنية فحسب، بل على كل الساحة اللبنانية وعند كل الطوائف والمذاهب». وفي موقف لافت، يضع الرافعي كرة حماية الدور السياسي للطائفة السنية في ملعب دار الفتوى. «المطلوب أن يقوم مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بمبادرة يعيد من خلالها الدور إلى الطائفة السنية التي كان لها دور في قيامة لبنان. وطالما أن المفتي على مسافة من الجميع، فما المانع من أن يعيد ترتيب الأوراق ويسمح بإعلان أسماء المرشحين من دار الفتوى، أو أن يكون لها دور في اختيار المرشحين بهدف ترتيب أوراق الطائفة وقرارها؟».