للاستحقاق الانتخابي في منطقة وادي خالد خصوصية تختلف عن بقية المناطق. هنا، يشكل رابط الدم أساس التنظيم السياسي، والأصل هو الحفاظ على الوحدة العشائرية وعدم تفككها.العتيق والغنام هما العشيرتان الأساسيتان في الوادي اللتان تتعدد الروايات وتختلف الآراء حول أصولهما. وهما تضمان أجباباً وأفخاذاً وبطوناً تتوزع على نحو 19 قرية وبلدة، وتتبعهما مجموعة من العائلات المسمّاة، بحسب العرف، بـ«اللحقة». لذلك، لا يمكن لأي فريق سياسي تغييب تمثيل منطقة الوادي ومحيطها لما لها من ثقل شعبي (نحو 21 ألف ناخب على لوائح الشطب يتوزعون حسب الطوائف على النحو الآتي: سنّة: 15 ألفاً، علويون: 4500، شيعة: 1000، روم أرثوذكس: 250، موارنة: تسعة ناخبين).
لطالما اعتمد أبناء العشيرتين على التجارة، لأنها «أربح وأكيَل»، واستفادوا من الموقع الحدودي، ما جعلهم يوجهون أنظارهم إلى الداخل السوري بغية تطوير تجارتهم. كان ذلك قبل 2011. بعده، أرخت الأزمة السورية بثقلها على قرى وبلدات الوادي على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. عدد النازحين السوريين ناهز عدد سكان الوادي، أي ما يقارب 40 ألفاً، وتراجعت الأعمال الزراعية وانقطعت التجارة وأغلقت الحدود، وبات الحديث عن الضائقة المادية والبطالة على كل لسان.
قبل عام 1994، لم يكن الاستحقاق الانتخابي يعني شيئاً لأهل الوادي الذين لم يكونوا يحملون الجنسية اللبنانية قبل مرسوم التجنيس الشهير. دورة عام 2000، شكّلت نقلة نوعية لمشاركة وادي خالد في الحياة السياسية مع فوز نائبين من أبناء المنطقة (محمد يحيى وجمال إسماعيل)، لينضمّا إلى نادي «الوجهاء»، ويصبحا مرجعيتين لعشيرتي الوادي.
في انتخابات 2018، حمل النائب محمد سليمان الراية من خاله جمال إسماعيل بعد فوزه عن أحد المقاعد السنية على لائحة المستقبل، فيما حصد يحيى نحو 8400 صوت على لائحة التيار الوطني الحر.
لا تدور معركة الاستحقاق المقبل حول شعارات إنمائية خبر أهل الوادي جيداً أنها لم تتحقّق يوماً، ولا حول شعارات سياسية أدّت إلى كساد تجارتهم. «هي معركة نفوذ رجال الأعمال»، على حد قول أحد أبرز فاعليات المنطقة.
أبرز المرشحين النائب محمد سليمان الذي يعمل للترشح إلى جانب النائبين وليد البعريني وهادي حبيش ضمن اللائحة التي يعمل عدد من نواب المستقبل الحاليين على تشكيلها، والنائب السابق محمد يحيى (مدعوم من شقيقه رجل الأعمال مصطفى يحيى) الذي يؤكد لـ«الأخبار» أن «التحالفات لم تحسم بعد»، علماً بأنه أيضاً يعمل على التحالف مع البعريني وحبيش. وبحسب مصادر متابعة، فإنه في حال حلول يحيى محل سليمان على اللائحة، سيترشح النائب السابق جمال إسماعيل في لائحة قوى 8 آذار.
بعد تبدّل موازين القوى، ومع الانهيار المالي الذي أصاب لبنان، عادت سوريا لتكون الوجهة


وبين المرشحين أيضاً الرئيس السابق لاتحاد بلديات وادي خالد أيمن اليوسف الذي يعتمد على عشيرة العتيق الأكبر في الوادي. ولا يخفي اليوسف أنه يعمل «بتوجيهات القيادة السورية، ولا علاقة تربطه على الإطلاق بتيار العزم» وأنه سيترشح «عندما أحصل على كلمة السر السورية». علماً بأنه أقام العام الماضي مهرجاناً ضخماً حضره نحو سبعة آلاف شخص احتفالاً بإعادة انتخاب الرئيس بشار الأسد.
بعد تبدّل موازين القوى، ومع الانهيار المالي الذي أصاب لبنان، عادت سوريا لتكون الوجهة والهدف، وبات أبناء الوادي يسعون لكسب رضى الداخل السوري بغية التمكن من الدخول والخروج الى سوريا لتأمين احتياجاتهم والاستفادة من فارق الأسعار، «يومياً أتلقّى عشرات الاتصالات التي تطالبني بتأمين دواء للأهالي من سوريا، والمئات يلجأون الى سوريا للحصول على الخدمات وتحديداً الطبابة والاستشفاء»، يقول أحد وجهاء منطقة وادي خالد، ويضيف: «الناس بدها تعيش، والأزمة صعبة للغاية، ولا مصلحة لنا اليوم بمعاداة سوريا، وبما أن الاستفزازات الأمنية توقفت، فنحن متفائلون بإمكانية إعادة العلاقة الى سابق عهدها».