لا تنضب جعبة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من «أرانب» تعطيل التدقيق الجنائي. بعد عامين على تكليف شركة «ألفاريز آند مارسال» مهام التدقيق، يستمر سلامة في المماطلة وتضييع الوقت. ويعوّل في ذلك على قرب انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، وعلى الاستحقاقات التي قد تحيّد الأنظار عنه كالانتخابات النيابية، مع حماية ضمنية من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، وعلنية من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي لا يحب تغيير «الضبّاط» ويريد غضّ النظر عن الحاكم لإنجاز التفاوض مع صندوق النقد. هذه الحمايات باتت «أوكسيجين» سلامة لابتداع مزيد من الحجج، وتقطير المعلومات التي تطلبها الشركة عبر التأخر في الاستجابة لها أو تقديمها منقوصة أو طلب مزيد من الوقت. فبعد رفض نقابة موظفي مصرف لبنان (التي تخضع لنفوذ سلامة) كشف حركة الحسابات المصرفية للموظفين، سلّم سلامة قبل أسبوع هذه الحسابات بما فيها تلك الخاصة بالعام 2015 (سبق أن رفض منح داتا العام 2015 قبيل شهر، مطالباً بتعديل القانون). وبحسب المعلومات، سلّم سلامة لائحة الحسابات بالأسماء لا وفق أرقام الحسابات كما فعل سابقاً، بعد بيان تصعيدي لرئيس الجمهورية قبل أسبوعين حذّر فيه الحاكم من المماطلة، متوعّداً بأن «المساءلة القضائية آتية».إلا أن استجابة سلامة الجزئية بتقديمه داتا الموظفين، بعد تدخل من ميقاتي، لم تحل دون زرعه لغماً آخر أمام شركة التدقيق. وعلمت «الأخبار» أن الحاكم لم يسلّم «ألفاريز» بعد محاضر اجتماعات المجلس المركزي بحجة «أننا نحتاج الى وقت لجمعها»، علماً بأن استخراجها هو الأسهل من الناحية التقنية، عبر نسخها بواسطة السكانر أو نقلها من حاسوب المصرف الى حاسوب وزارة المالية. نتيجة ذلك، يؤخّر مدير شركة التدقيق جايمس دانيال قدومه إلى لبنان في انتظار استكمال تسليم الحاكم كل ما هو مطلوب منه.
مصادر مطّلعة في المصرف قالت إن سلامة وعد بتسليم المحاضر خلال أسبوع. إلا أن معلومات متقاطعة تشير إلى «اختفاء» عدد من المحاضر، وعدم تسجيل بعضها الآخر، وصولاً الى عدم عرض كل الملفات والقرارات على المجلس المركزي حتى لو كان الأمر يتعلق بسياسات مالية واستراتيجية كإصدار سندات دين وتنفيذ هندسات مالية، وهو ما صرّح به المدير العام السابق لوزارة المالية آلان بيفاني في مقابلة تلفزيونية، من دون إسقاط موافقة بعض أعضاء المجلس على مضض وإقران آخرين توقيعهم بالتحفّظ.
معلومات متقاطعة تشير إلى «اختفاء» عدد من المحاضر، وعدم تسجيل بعضها الآخر


كل ذلك يقود مصادر بعبدا الى عدم الاستبشار خيراً بسلوك سلامة، مشيرة الى أن الشكوك باتت تحوم حول كل الداتا التي ادّعى تسليمها، ومؤكّدة أن الرئيس جاهز لخطوات مقابلة في مواجهة عرقلة سلامة لأعمال التدقيق، علماً بأن الأخير أكّد قبيل انتهاء مهلة قانون رفع السرية المصرفية لمدة عام عن حسابات مصرف لبنان والمصارف (20/12/2021) أنه قدّم كل البيانات التي طلبتها شركة التدقيق، قبل أن يتبيّن أنه لم يقدّم معلومات جدّية.
في المقابل، لم يضع الرئيس بري اقتراح قانون تمديد رفع السرية المصرفية على جدول أعمال جلسة الهيئة العامة التي ستنعقد في 21 و22 الجاري. رغم انتهاء لجنتي المال والإدارة والعدل من دراسته قبل نحو شهر وإحالته الى الهيئة العامة، علماً بأن بري أسقط في 7 كانون الأول الماضي صفة العجلة عن قانون معجل مكرر بتمديد المهلة، وهو ما يؤمن ضمنياً مخرجاً آمناً لسلامة للتذرع بانتهاء مفاعيل القانون... متى احتاج إلى ذلك.