لا يمكن حسم الوقائع في قضية التعرض الجنسي لقاصر على يد رجل دين في بلدة المنارة (البقاع الغربي). الروايات تتضارب بين عائلة الفتاة (15 عاماً) ومخاتير البلدة وفاعلياتها والجهات المعنية التي حققت بالملف. لكن ما يجمع الكل عليه هو «لفلفة» الجريمة التي وإن لم تتضمّن اغتصاباً، إلا أنها اشتملت على مجامعة قاصر وتزويجها مرتكب الجرم الذي يبلغ 55 عاماً.قبل أيام، كتب أحد الآباء منشوراً على مواقع التواصل الاجتماعي يهاجم فيه رجل دين فلسطينيّ الجنسية يقيم في المنارة ويدرّس في مدرسة لتعليم القرآن الكريم. واتهم الأب الشيخ بـ«اغتصاب» ابنته البالغة من العمر 15 عاماً نهاية تشرين الثاني الماضي. لكن الوالد، في المنشور نفسه، أدان نفسه بموافقته على تزويج ابنته لمن يتهمه باغتصابها بعد أقل من أسبوعين على الجريمة، ليتبيّن بأن ثائرته ثارت بعد إقدام الشيخ على تطليق الفتاة بعد ضغوط من أسرته.
منشور الأب الذي لقي انتشاراً واسعاً، استكمل برفعه دعوى أمام مخفر بيادر العدس ضد الشيخ بتهمة الاغتصاب. النيابة العامة الاستئنافية في البقاع تحركت وأوقفت المتهم للتحقيق معه. وفي حين انتشرت أنباء عن توقيف الشيخ نهاية الأسبوع الماضي، أكّد مصدر أمني لـ«الأخبار» أن القضاء «أخلى سبيله قبل أيام عقب إسقاط الأب الدعوى ولم يُوقف مجدداً»، فيما عادت الفتاة، بعد طلاقها، للعيش في منزل عائلتها التي ترفض الحديث مع وسائل الإعلام.
الوالد كان مَديناً للمرتكب بعشرة ملايين ليرة فزوّجه ابنته الطفلة


«الأخبار» تواصلت مع أحد مخاتير المنارة، فتمنى عدم نشر أي خبر يتعلق بالقضية «لأننا طوّقنا الموضوع وليس جيداً إثارته مجدداً»، نافياً تعرض الفتاة للاغتصاب وكل «الشائعات الغوغائية». لكنه لمّح إلى تعرضها لجريمة ليست أقل بشاعة، إذ إن «والدها كان مديناً للشيخ بعشرة ملايين ليرة، فزوّجه ابنته»، قال قبل أن يستدرك «أننا وقفنا ضده، واستنكرنا كيف يزوج فتاة بعمر الـ 15 عاماً لرجل بعمر الـ 55 عاماً؟»، محمّلاً الوالد مسؤولية «الفضيحة». إذ إنه «زوّجها للشيخ برضاه. فشو عدا ما بدا؟».
«الأخبار» تواصلت مع مختار ثان دخل على خط القضية، فكرّر التمني بعدم النشر. إذ «ارتأينا كوجهاء بلدة وبلدية ومشايخ أن نقفل القضية بعدما أسقط الأب الدعوى ونالت البنت كامل حقوقها وعادت إلى منزل أهلها».
بصرف النظر عن التداعيات النفسية على الضحية، أسقط القانون والمحيط حقها الشخصي وأعفى المرتكب من العقاب، استناداً إلى المادة 505 من قانون العقوبات اللبناني التي تنص على أن «من جامع قاصراً أتمّ الخامسة عشرة من عمره ولم يتمّ الثامنة عشرة عوقب بالحبس من شهرين الى سنتين. وإذا عقد زواج صحيح بينهما توقفت الملاحقة أو المحاكمة. وإذا صدر حكم بالقضية عُلق تنفيذ العقاب المحكوم به»، علماً بأن هذه المادة بقيت ثغرة في محور الاغتصاب في قانون العقوبات اللبناني بعد إلغاء مجلس النواب نهاية عام 2017 المادة 522 التي تنص على «سقوط ملاحقة المغتصب في حال تزوج من اغتصبها».