منذ استحداث محافظة بعلبك - الهرمل عام 2003، ينتظر أبناء المنطقة افتتاح مكاتب إقليمية للإدارات الحكومية والدوائر الرسمية لتخفيف الأعباء التي يتكبّدونها في كل مرة يريدون الحصول على أبسط البيانات الرسمية كتصديق إخراج قيد أو استصدار سجل عدلي... وهي أعباء زادت كلفتها مع ارتفاع أسعار المحروقات وتفاقم الأزمة الاقتصادية.في أيار 2016، بعد طول انتظار و16 عاماً على استحداث المحافظة، افتتح مكتب للسجلّ العدلي في مدينة بعلبك، فيما بقيت مدينة الهرمل التي تبعد عن بعلبك نحو 60 كيلومتراً، تنتظر افتتاح مكتب مماثل في سراي المدينة. ولسحب ذرائع وزارة الداخلية والبلديات والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بعدم توافر اعتمادات مالية لتجهيز المركز وافتتاحه، تكفّلت بلدية الهرمل واتحاد بلدياتها، عام 2017، بتوفير مكاتب للمركز وشراء تجهيزات مكتبية وإلكترونية وأثاث بقيمة 33 مليون ليرة، وسلّمت مفاتيح المكاتب لمخفر قوى الأمن الداخلي في السراي. كتب خطية وزيارات نيابية وبلدية واختيارية إلى وزيري الداخلية السابق محمد فهمي والحالي بسام مولوي انتهت، كالعادة، بوعود تليها وعود.
عناصر أمنيون نقلوا تجهيزات مكتب السجل العدلي وأثاثه «بطلب من بيروت»!


يدرك أبناء الهرمل مدى تهميش الدولة لمنطقتهم وإهمالها لمعاناتهم، لكن أحداً لم يخطر في باله أن تعمد الدولة إلى سرقتهم، حرفياً. أمس، وفق مصادر معنية، شوهد عناصر من قوى الأمن الداخلي ينقلون بعض قطع الأثاث من المكاتب التي يُفترض أنها مقفلة. وبعد الكشف على المكاتب تبيّن أنها شبه خالية من الأثاث والتجهيزات والكومبيوترات. وتؤكد المصادر أن نقل التجهيزات حصل على مراحل وفي فترات متفاوتة ولم يجر دفعة واحدة، إذ لا يمكن نقل التجهيزات بشكل كامل من دون انتباه المخاتير والأجهزة الأمنية الأخرى الموجودة في السراي الحكومي.
ولدى الاستفسار من عناصر قوى الأمن عن سبب نقل بعض قطع الأثاث، أجاب هؤلاء بأنها «تُنقل إلى مراكز بيروت التي تفتقر إلى التجهيزات». فهل أوعزت فعلاً وزارة الداخلية والبلديات أو مديرية قوى الأمن الداخلي لعناصرها نقل التجهيزات إلى مراكز أخرى، من دون استئذان قائمقام الهرمل بالوكالة طلال قطايا أو رئيس اتحاد البلديات أو البلدية؟.
نائب الهرمل إيهاب حماده وصف ما حدث بأنه «مهزلة بكل المعايير وإمعان في تهميش المنطقة وإهمالها والاستهزاء بها وبأهلها». وأضاف: «سنحسن النية ونطلب من مديرية قوى الأمن الداخلي توضيح ما حصل وهل سرقت التجهيزات من قبل أمنيين في السرايا أم أن الإيعاز جاء من المديرية، علماً أنه في الحالتين ما حدث خرق للقوانين والأصول التي يفترض أن تحرص قوى الأمن الداخلي على تطبيقها».