على مسافة أشهر من الانتخابات، تشهد منطقة جبيل وكسروان حدّة واحتداماً يغذّيهماتشتّت القوى والشخصيات المختلفة واختلاط الأوراق وعدم ثبات التحالفات.
حزب القوات اللبنانية يدخل المعركة طامحاً إلى حصد مقاعد جديدة مع الحفاظ على مقعدَي نائبيه زياد حواط (جبيل) وشوقي الدكاش (كسروان). لكنه يواجه مشكلة عدم رغبة بعض النافذين في التعاون معه، ولا سيما النائب المستقيل نعمت افرام الذي يريد خوض المعركة بعنوان أساسي هو: «لا تيار ولا قوات». لذلك، يشهد التنافس بينهما حدّة عالية بسبب التداخل الكبير في ماكينتيهما وقواعدهما.
فعلى عكس انتخابات 2018، حين ركن القواتيون إلى تركيز افرام جهوده في البيئة العونية، بحكم تحالفه مع التيار، لمنحه أصواتهم التفضيلية، يستهدف النائب المستقيل، بعد خلافه مع التيار الوطني الحر، جمهور القوات، علماً بأن هناك كوادر جزبية قواتية بين كبار الموظفين في شركاته. وهو إن كان قد ترك لهم حرية الاختيار في الدورة الماضية، إلا أنه قد لا يفعل ذلك في ظل ظروف المعركة المقبلة.
في المقابل، يسعى نائب كسروان السابق منصور غانم البون الى تعزيز علاقته مع نائب جبيل السابق فارس سعيد، رغم تأكيدات الأخير أنه لن يخوض الانتخابات خارج جبهة سياسية واضحة الخيارات. وهو ما يربك البون الذي يتعرّض لإغراءات عونية، ويُنقل عن النائب جبران باسيل عدم ممانعته التحالف معه.
تنافس بين افرام والقوات وإرباك في التيار والجميع ينتظر قرار حزب الله


سعيد، من جهته، أكّد لـ«الأخبار» أنه لم يحسم بعد موقفه من خوض الانتخابات ترشيحاً، لكنه يقف «الى جانب كل من يعمل على إسقاط أي مرشح لحزب الله في المنطقة وضدّ كل من يتحالف مع حزب الله، ومستعد لدعم هؤلاء حتى لو تطلب الأمر عدم خوضي الانتخابات شخصياً».
من جهة أخرى، وخلافاً لما يشاع، يستبعد مقربون من مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الطبية النائب السابق وليد خوري أن يدعم الأخير ترشيح أحد أشقائه على لائحة افرام ضد التيار الوطني الحر، للعلاقة الوطيدة التي تربطه بالرئيس عون ولارتباط اسمه بالتيار الوطني الحر منذ بداية مسيرته السياسية، علماً بأن ظروف المعركة قد تقتضي بأن يكون خوري مرشح التيار الأوحد في جبيل. إلا أنه لا شيء محسوماً بعد.
على جبهة النائب فريد هيكل الخازن، تبدو الصورة قاتمة. إذ يسعى الى تركيبة تمنحه فرصة الفوز بمقعده والحصول على المقعد الشيعي الذي شغر بوفاة النائب مصطفى الحسيني. لكن المشكلة تكمن في سعي الخازن، لأسباب انتخابية، إلى إظهار تمايز أكبر عن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في ما يتعلق بالموقف من حزب الله، علماً بأن الخازن لم يجد بعد حليفاً جبيلياً يؤمّن له الحاصل الانتخابي ليحافظ على مقعده.
وكانت لائحة الخازن قد فازت في الدورة الماضية بمقعدين (ماروني عن كسروان والشيعي في جبيل)، بعدما نجح في تركيب لائحة جمعته مع فارس سعيد وحزب الكتائب وبيوتات سياسية، وهو ما ليس متاحاً اليوم، بسبب موقف سعيد من جهة وسعي الكتائب الى بناء تحالفات مختلفة قد تفرض عليه ترك هذه الدائرة لنعمة افرام في حال التحالف معه.
أما في ما يتعلق بالمقعد الشيعي، فإن الجميع ينتظر قرار حزب الله الذي يبدو أقرب الى اعتماد الخيار الذي يريح حليفه التيار الوطني الحر، بما في ذلك عدم ترشيح حزبي إن تطلّب الأمر، مع الأخذ في الحسبان قدرة الحزب على تجيير أكثر من عشرة آلاف صوت شيعي.
أما مشكلة التيار الوطني الحر فتكمن في انكفاء عدد من كوادره في كسروان وجبيل ممّن لن يكونوا في عداد المرشحين، وفي احتجاج آخرين على «إهمال» قيادة التيار لهم في هذه المرحلة، فضلاً عن ضعف في الماكينة التنظيمية وغياب الخطاب التعبوي الواضح للقيادة في مواجهة الحملة القاسية التي يشنها خصوم التيار ووسائل الإعلام التابعة لهم.