تعليقاً على الادّعاءات والاتّهامات التي وردت في مقال نشرته «الأخبار» بعنوان «لبنان ــــ تركيا: الخسائر الناجمة عن نموذج الريع الجيوسياسي» (29 تشرين الثاني 2021)، نودّ إيضاح الآتي:أولاً، نرفض رفضاً قاطعاً الادّعاء القائل بأن الإمبراطورية العثمانية «استعمرت لبنان لقرون». إن هذه المقاربة، التي تتعارض مع الحقائق التاريخية، تتجاهل الجغرافيا والتاريخ والمصير المشترك والأخوّة والمصالح المتبادلة بين تركيا ولبنان، التي كانت خلال الحكم العثماني ولا تزال حتى اليوم. والإشارة الى تركيا على أنها «سلطنة» ليس خطأً مؤسفاً فحسب، بل هو أيضاً إهانة للشعب التركي الذي اعتمد «الجمهورية» الديموقراطية.
ثانياً، إنّ التجارة هي أحد العناصر الأساسية الطبيعية لإقامة علاقات جيدة بين دولتين وللحفاظ عليها. وتعتبر التجارة جزءاً لا يتجزأ من العلاقات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية الثنائية. في المقابل، لا يبدو من الممكن تفسير الشكوك حول العلاقات التجارية بين تركيا ولبنان، البلدين الصديقين والشقيقين.
أما القول إن الميزان التجاري بين تركيا ولبنان كان لمصلحة تركيا منذ سنوات عديدة، فهو واقعي. ومع ذلك، هذا لم يكن اختياراً بل نتيجة لسياسة لبنان التجارية التقليدية الموجّهة نحو الاستيراد. لذلك، لا يمكننا قبول اتّهام تركيا في عدم قدرة لبنان على تطوير الإنتاج المحلي والتصدير. أضف إلى ذلك إن الاختلافات غير القابلة للمقارنة بين البلدين، من حيث المساحة وعدد السكان والاقتصاد، لها من دون شك انعكاسات على الميزان التجاري.
وفي الواقع، تبذل تركيا جهوداً حثيثة لتحسين الميزان التجاري الثنائي لمصلحة لبنان في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرّ بها. وقد أكد وزير خارجية جمهورية تركيا مولود تشاووش أوغلو هذه المسألة خلال زيارته الداعمة والتضامنية الى لبنان في 15 و16 تشرين الثاني 2021.
واللافت للنظر أنه لم يُذكر أن اتفاقية التجارة الحرّة الموقّعة بين البلدين عام 2010 لم تدخل حيّز التنفيذ لأن مجلس النواب اللبناني لم يُصدّق عليها حتى اليوم. ومن جهة أخرى، فإنّ اتفاقيّة التجارة الحرّة بين البلدين لا تتعلق بالتجارة الخارجية فحسب، بل تشمل التعاون في العديد من المجالات مثل الصناعة والزراعة والخدمات والنقل والبيئة. ونود أن نشير أيضاً إلى أن الحكومة والشركات التركية كانت تدعم الشركات اللبنانية على الدوام. وقد أعطت شركاتنا سهولة في السداد في الأوقات الصعبة، وأجّلت مستحقّاتها لضمان استمرار التجارة الثنائيّة.
ثالثاً، الادّعاء بأنّ تركيا حظرت استيراد الموز من لبنان لا أساس له على الإطلاق. إذ لا تفرض تركيا حظراً على استيراد الموز من أيّ دولة، بما في ذلك لبنان. ووفقاً لبيانات إدارة الجمارك اللبنانية، استوردت تركيا 3566 طناً من الموز بقيمة 1.535.000 دولار أميركي من لبنان في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021. ويُعدّ الموز من بين أكثر المنتجات الزراعية التي استوردتها تركيا من لبنان في الفترة الأخيرة.
رابعاً، الادّعاء بأنّ لبنان لم يُطبّق أيّ رسوم جمركيّة على تركيا قبل عام 2019 لا أساس له من الصحة. فقد فرض لبنان دائماً رسوماً جمركية على المنتجات التركية. وبعد عام 2019، ارتفعت الضريبة الجمركية المطبّقة على بعض المنتجات التركيّة.
سفارة الجمهورية التركيّة في بيروت