اشتعل لبنان في عطلة نهاية الأسبوع مع هبوب الرياح القوية الساخنة وتأخّر موسم الأمطار. وكما في كل حريق، أتت النيران على مزيد من المساحات الحرجية وكشفت العجز الرسمي في مواجهة الكوارث.منذ فجر السبت، شبّت النيران في وادي العزية ــــ زبقين (قضاء صور) وامتدت باتجاه المنصوري وبيت ليف، وصولاً إلى مروحين، مروراً بعدد من بلدات صور. وفي مقلب آخر، اندلعت النيران في بلدات صير الغربية والزرارية والقصيبة بين الزهراني والنبطية. ولم تكد تنطفئ نيران الجنوب حتى اندلعت بين السبت وأمس الأحد، في عدد من بلدات إقليم الخروب وجرد جبيل والبترون وعكار وزحلة والشوف وعاليه وبعبدا وزغرتا والبقاع الغربي وجبال الريحان في جزين والزهراني. الحريق الأكبر سجل عصر أمس في أحراج بيت مري والمونتيفردي. وكانت المديرية العامة للدفاع المدني قد نشرت خريطة للمواقع التي يحتمل اندلاع الحرائق فيها. بين الساحل وسفوح سلسلة جبال لبنان الغربية من الجنوب إلى الشمال، كانت الاحتمالات مرتفعة بين شديدة ومرتفعة جداً ومتوسطة. توقعات الدفاع المدني أصابت. حرائق بالجملة لم تقو إمكانات فرق الإطفاء المتواضعة على إخمادها بسرعة. طوافات الجيش ساهمت في إخماد النيران في صور وبيت مري. وحظيت بمؤازرة من طوافات اليونيفيل جنوباً. مؤسسة مياه لبنان الجنوبي وضعت محطاتها وآبارها بتصرف فرق الإطفاء.
الحرائق المتنقلة في الجنوب أتت على مساحات زراعية واسعة قدّرت على نحو مبدئي بحوالى ثلاثمئة ألف دونم من الأشجار الحرجية المعمّرة وأعشاب برية وأشجار زيتون وموز وحمضيات. وتسببت باحتراق أربعة منازل سكنية في بلدة شحور وإصابة سبعة أطفال باختناق بسبب كثافة الدخان الذى غطى المنازل في أحد الأحياء السكنية المجاورة للحريق.
حرائق الجنوب أتت على 300 ألف دونم من المساحات الزراعيّة


غرفة عمليات وحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات قضاء صور أكدت لـ«الأخبار» إصابة عشرة عناصر من الدفاع المدني اللبناني والهيئة الصحية الإسلامية وجمعية الرسالة للإسعاف الصحي بجروح طفيفة وقد عولجوا ميدانياً. كما أدى انفجار قنبلة عنقودية في خراج بلدتَي رامية وبيت ليف الى إصابة عنصر في الهيئة الصحية الإسلامية بجروح طفيفة.
حصيلة خسائر الحرائق في المناطق لم تحسم بعد. لكن الأسباب حسمت. وزير البيئة ناصر ياسين، الذي تفقّد حرائق صور طوال يوم السبت، لفت الى أن «الحرائق بعضها بسبب الإهمال وبعضها مفتعل». بدوره، المدير العام للدفاع المدني ريمون خطار قال إن «المواطنين لا يتقيدون بالإرشادات لحماية الأحراج والمزروعات من الحرائق».
وحمّل رئيس اتحاد بلديات جبل الريحان باسم شرف الدين مسؤولية حرائق أحراج الريحان وعرمتى للأهالي. وقال: «يجب أن يكون هناك وعي وإدراك لدى أهلنا الذين هم شركاء في المسؤولية، فأيّ حريق هنا أو هناك في هذا الطقس، وفي أماكن فيها ثروات حرجية أو مساحات من الأعشاب، سببها قيام بعض الأشخاص بتشحيل الأشجار أو بحرق الأعشاب، وهو ما يتسبّب بما نحن به اليوم».
وعلمت «الأخبار» أن وزير الزراعة عباس الحاج حسن والأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير سيتفقدان مواقع الحرائق في منطقة صور برفقة نواب القضاء. وفيما دعت النائبة عناية عز الدين الى «إنصاف متطوّعي الدفاع المدني من خلال تثبيتهم وإلى تقديم التعويضات للمتضررين ومعالجة الأراضي الزراعية والحرجية المتضررة»، شدد النائب حسن عز الدين على «ضرورة فتح تحقيق لكشف أسباب الحرائق وبخاصة أن الظروف المناخية الحالية وإن كانت عاملاً مساعداً على تمدّد النيران، إلا أنها لا تشكل عاملاً مسبباً لها».