مشهد التكاذب الضاحك بين قادة إمارات القهر العربي في أكثر من مكان، لا يخفي استمرار الأحقاد بين هذه الدول، ومساعيها لطعن بعضها بعضاً على خلفية الصراع على النفوذ في المنطقة العربية من جهة، ومراضاة الجانب الأميركي من جهة أخرى. لكن الجديد، كان في مساع حثيثة تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة لإقامة تحالف مع السعودية ومصر والأردن لتضييق الخناق على حركة حماس في فلسطين، باعتبارها «آخر معاقل الإخوان المسلمين» في المنطقة العربية، بعد الضربات التي تعرّضت لها الجماعة في مصر والأردن وتونس والمغرب وسوريا ودول أخرى. ووفق المعطيات، فإن المساعي الإماراتية تجري بتنسيق تام مع العدو الإسرائيلي الذي يتولى من جانبه فرض قيود وتعقيدات على أي نوع من المساعدات لأبناء المناطق الفلسطينية المحتلة، ولا سيما قطاع غزة.
عباس ونتنياهو أبرز الخاسرين وخشية من فوز حماس بالانتخابات وسلام فياض أفضل من أشتية

بعد معركة «سيف القدس»، في أيار الماضي، تداعت هذه القوى إلى لقاءات لتنفيذ هذه المهمة. وتبين، مع الوقت، أن الضغوط لمنع عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة، تندرج ضمن خطة لا تتعلق بالمطالب الإسرائيلية فحسب، بل بمطالب لهؤلاء، وخصوصاً الإمارات العربية المتحدة التي تسعى إلى محاصرة أي دور قطري في تقديم الدعم لحماس أو غيرها من جماعات الإخوان، مع التسليم للأميركيين والإسرائيليين بالتعاون في مكافحة قوى المقاومة في فلسطين وغيرها.
وشهدت الأشهر الماضية تطورات تصب في هذا الإطار، من تضييق الحصار على القطاع، وممارسة ضغوط على صرف المنحة القطرية، وسعي القاهرة إلى الإشراف المباشر على عمليات إعادة إعمار ما خلفه العدوان على غزة، وصولاً إلى العمل السياسي على محاصرة نتائج المعركة التي صبت في مصلحة محور المقاومة. وقد توسعت خطوات التضييق لتشمل كل الدول المنضوية في هذا التحالف، وهو ما يفسر إعداد سلطات الحكم في السودان لائحة بالمؤسسات والشركات والجمعيات التي تعود ملكيتها إلى شخصيات فلسطينية، خصوصاً تلك المقربة من حماس، والتي كانت تحظى بهامش كبير من الحركة في هذا البلد خلال فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير.
وبحسب المعلومات، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل طالبتا السلطات القطرية بوضع إطار يحدّ من نشاط حماس في الدوحة، وحصر أي دعم بالأطر التي تضمن عدم استخدام الحركة هذه الأموال في الجانب العسكري أو حتى في أنشطتها السياسية داخل القطاع وخارجه.

منع تعاظم نفوذ الإخوان بالاستفادة من انتصار حماس ومنع تأثير ذلك على مصر وليبيا والإمارات والبحرين


خطوات التضييق هذه تظهر بوضوح من خلال وثيقة سرية صادرة عن وزارة الخارجية السعودية، حصلت «الأخبار» على نسخة منها، تكشف الكثير من التفاصيل، من خلال تقرير أعده وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان وأرسله إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يشرح فيه أهداف وتفاصيل زيارة خاطفة قام بها ولي العهد في الإمارات محمد بن زايد إلى الأردن والتقى خلالها الملك عبد الله الثاني مطولاً. علماً أن ابن سلمان يبدي حذراً كبيراً حيال الملك الأردني، وقد زاد غضبه عليه بعد إدانة السلطات الأردنية مستشار ابن سلمان، (رئيس الديوان الأردني سابقاً باسم عوض الله، بالتآمر ضد الحكم الهاشمي، ورفض ملك الأردن إصدار عفو عن عوض الله الذي يدير مجموعة من الأنشطة الاقتصادية والاتصالات السياسية لولي العهد السعودي. وينعكس هذا الغضب رفضاً سعودياً لتقديم أي عون مالي للأردن الذي يواجه صعوبات اقتصادية كبيرة، فيما تحاول أبو ظبي معالجة الأمر شرط الحصول على موافقة الملك عبد الله على خطوات سياسية تصب في خدمة المشروع الإماراتي.
كذلك، فإن ولي العهد السعودي ليس راضياً عن تحركات نظيره الإماراتي. وتؤكد مصادر مطلعة أن آخر لقاء بينهما كان عاصفاً ما جعل التواصل المباشر بين الرجلين معقداً، ودفعهما إلى اعتماد المسؤول الفعلي عن المخابرات الإماراتية طحنون بن زايد وسيطاً لابن زايد مع ابن سلمان، وأيضاً مع تركيا وقطر.

سري وعاجل
التاريخ: 26/10/1442 هـ /7/6/2021 م
الموضوع: حول الزيارة المفاجئة لولي عهد أبو ظبي إلى المملكة الأردنية الهاشمية
سيدي صاحب السمو الملكي ولي العهد
نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بالإشارة إلى خطاب سفارتنا في الأردن، أودّ إحاطة سموكم بالمعلومات حول الزيارة المفاجئة التي قام بها ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد إلى الأردن في 27 مايو والتي استمرت لساعات، وبعد المواجهات الأخيرة بين الفصائل الفلسطينية والقوات الإسرائيلية:
- خلال المباحثات التي جرت في مطار ماركا العسكري بين الملك الأردني وولي عهد أبو ظبي، تم الطلب من رئيس جهاز المخابرات العامة الأردنية تقديم عرض شامل عن المكاسب التي حققتها حركة حماس بعد المواجهة الأخيرة مع إسرائيل، وانعكاس ذلك على دور جماعة الإخوان المسلمين في الدول العربية. وفي ضوء ذلك، يرى الأردن الآن فرصة لتجاوز حالة البرود في علاقاته مع الإمارات التي كانت تلحّ في طلب وضع جماعة الإخوان على قائمة الإرهاب، والتعاون لمحاصرة حماس.
- أظهر التقييم أن الرئيس الفلسطيني يعد من أبرز الخاسرين في هذه المعركة، وخاصة بعد تأجيله الانتخابات التشريعية خوفاً من فوز حماس فيها. كما فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في توظيف نتائج المعركة لترؤس حكومة جديدة.
- تم التوافق على ضرورة العمل لمواجهة دور قطر في قطاع غزة بالتعاون بين المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية والمملكة العربية السعودية، بسبب القلق من مشروع الإخوان وتأثيراته على ليبيا ومصر، إضافة إلى تجنب تسجيل ما قد تراه حماس انتصاراً سياسياً ضد الإمارات والبحرين اللتين باشرتا بعلاقات مع إسرائيل، الأمر الذي من شأنه أن يساعد حماس في كسب شعبية في الشارع العربي.
- تم التوافق أيضاً على فتح قنوات التنسيق بين الأردن ومصر والإمارات والسعودية في ملف إعادة إعمار غزة لتقويض حضور وشعبية حركة حماس في القطاع، حيث يتولى الجيش المصري الشق اللوجستي ويتم إدخال الشركات المصرية تحت مظلته بالتفاهم مع إسرائيل، بينما توفر الإمارات والسعودية الدعم المالي. ولا تستطيع حماس رفض ذلك نظراً لحاجتها إلى الدور المصري المهم بالنسبة لها وأيضاً لضرورة تعافي قطاع غزة من الأضرار التي نجمت عن العمليات العسكرية الإسرائيلية.
- التأكيد والتنسيق مع الجانب الإسرائيلي لعدم السماح بإدخال المساعدات القطرية، بينما ستسمح لمصر بإدخال كافة مواد البناء، على أن يتم التواصل بين السعودية والإمارات لترتيب المساعدة المطلوبة.
- دعم الدول العربية المعنية (السعودية – الأردن – مصر – الإمارات) اختيار الدكتور سلام فياض رئيساً لوزراء فلسطين بدلاً من الدكتور محمد أشتيه، تماشياً مع التوجه الأميركي بهذا الشأن.
- خلال اللقاء، أعرب ملك الأردن عن انزعاجه من حصر إسرائيل العلاقة معه في إطار التنسيق الأمني، وهذا يهمش دور الأردن.
وتقبلوا – سموكم الكريم – فائق التحية والتقدير
وزير الخارجية
الأمير فيصل بن فرحان آل سعود