تنتهي ولاية رئيس الجامعة اللبنانية فؤاد أيوب في 12 تشرين الأول المقبل، وسط جدل قانوني بشأن شرعية بقائه في المنصب إلى حين تعيين البديل. لا جلبة في أروقة الجامعة حول الاستحقاق، وإن كان ذلك لا يمنع من تكرار السؤال - الأحجية مرة جديدة: من يكون الرئيس الآتي؟ مع تغييب مجلس الجامعة، يبقى الملف مفتوحاً أكثر فأكثر على المزاجية والتسييس، ولا يعود مهمّاً ما إذا كان القانون 66 بتاريخ 4/3/2009 الخاص بتنظيم المجالس الأكاديمية يعطي الحق للرئيس الحالي بالاستمرار في مهمّاته أم لا، علماً بأن السجال القانوني نفسه احتدم في شباط 2011، يوم انتهت ولاية الرئيس السابق زهير شكر، وفي تشرين الأول 2016، عندما انتهت ولاية الرئيس السابق عدنان السيد حسين.وبما أن المنصب محسوب للطائفة الشيعية، لا موقف سياسياً نهائياً معلناً لحركة أمل وحزب الله لجهة الموافقة على استمرار أيوب في تسيير المرفق العام. لكنّ القراءة الواقعية للمشهد تقول إنّ القانون وحده لا يُبقي الرجل في كرسيه، ولا بد أن يأخذ ضوءاً أخضر سياسياً، في حين لا تخفي أجواء الثنائي الشيعي الميل إلى تأييد هذا الخيار، «استناداً إلى المادة 14 من القانون 66 التي تنصّ بصراحة لا تقبل التفسير والتأويل، وبهدف تأمين استقرار سير المرافق الأكاديمية المختلفة من مسؤولين ومجالس أكاديمية، على ما يأتي: عند انتهاء ولاية أيّ من أعضاء المجالس الأكاديمية المنصوص عليها في هذا القانون يستمرون في ممارسة أعمالهم إلى حين تعيين أو انتخاب بدلاء عنهم». وأشارت مصادر الثنائي لـ «الأخبار» إلى أنّ ما نصّت عليه الفقرة 5 من المادة 2 في «حال غياب الرئيس ينوب عنه أكبر العمداء سنّاً» لا تطبّق في حالة الشغور التي لها وضع قانوني آخر غير الغياب بداعي السفر أو المرض. كذلك أوضحت أن أغلب عمداء الكليات الحاليين سيحالون إلى التقاعد في وقت قريب ولا يمضون ولاية كاملة، وبالتالي فإن تكليفهم بأعمال الرئاسة سيضر بمصالح الجامعة.
في المقابل، يرفض الأساتذة المعارضون تسويغ استمرار أيوب في منصبه، فالفقرة 3 من المادة 2 من القانون 66 تنص على أن «تحدد ولاية الرئيس بـ5 سنوات، غير قابلة للتجديد إلّا بعد انقضاء ولاية كاملة»، وجاء في الفقرة 5 من المادة نفسها: «في حال غياب الرئيس ينوب عنه أكبر العمداء سناً». وإنّ قراءة قانونية متعمّقة للقانون تؤكد، بحسب هؤلاء، أنّه تناول 3 مجالس: «مجلس القسم ومجلس الفرع ومجلس الوحدة»، ولم يتناول بأي حال مجلس الجامعة. والنص الذي يتحدث عنه أنصار الرئيس في المادة 14 لم يتطرق، كما يقول الأساتذة، إلى مجلس الجامعة بل اقتصر فقط على مجالس الأقسام والفروع والوحدات، علماً بأنّ المادة 9 من قانون الجامعة الرقم 75 /1967 تنص على أن «يتولّى إدارة الجامعة رئيس ومجلس». وكذلك المادة 11 من القانون عينه: «رئيس الجامعة من موظفي الفئة الأولى». ومن المعروف، «أن أيّ موظف من الفئة الأولى لا يحق له أن يبقى يوماً واحداً بعد انتهاء مدة مسؤوليته، إلا إذا اتخذ مجلس الوزراء قراراً بهذا التمديد»، وهذه ليست حالة أيوب.
الأساتذة المعارضون يطالبون بتكليف مستقلّ لم ينغمس في فساد السلطة


مع ذلك، ترى مصادر الأساتذة المعارضين لبقاء أيوب أنّه «لا اعتبار قانونياً حالياً لتكليف أحد العمداء الملوّثة أيديهم بالفساد في الجامعة، خصوصاً أن معظمهم أنهوا ولايتهم قبل أيوب وبقاءهم في العمادات غير قانوني، ولأنه بحسب القانون 66 لا قانونية لأي تمديد أو تجديد لولاية ثانية بتاتاً، ومن لا يحق له أن يتابع كعميد كيف يحق له أن يُكلف بالرئاسة؟». وتضيف: «العرف والتقليد والمطالعات السابقة لوزراء العدل في الحالات المماثلة تقضي بالبحث عن مستقلّ لم تتلوّث يداه بفساد السلطة، ولديه أعلى رتبة وأعلى درجة والأكثر أقدمية وعمره يسمح له بممارسة المهمة بالتكليف أو الإنابة أو الوكالة أو التفويض من سلطة الوصاية، أي وزير التربية، وذلك لتعذّر تعيين رئيس أصيل بسبب عدم التئام مجلس الوزراء». وفي هذا الإطار، تطرح المصادر تكليف خالد الحسين، أستاذ الفيزياء الذرية والنووية في كلية العلوم ـ الفرع الثالث في الشمال، فهو في ملاك الجامعة منذ عام 1988، ولديه 36 سنة خدمة، وحائز رتبة أستاذ منذ عام 1995، وهو في الدرجة 27 أي أعلى بخمس درجات من القمة (الدرجة 22)، وعمره 60 عاماً.
يتطرق المعارضون إلى عجز ولاية أيوب عن إنصاف المتعاقدين بالتفرّغ والمتفرغين بدخول الملاك، بالتذرّع بالروتين الإداري، إذ تنام الملفات مدة طويلة في الإدارة المركزية، ولا تُرسل إلى وزارة التربية إلا حين تسقط الحكومة، علماً بأنه جرى استثناء الأساتذة ـ الوزراء في الحكومة من هذا الاعتبار وجرى إدخالهم في الملاك بخلاف زملائهم الآخرين.
وبحسب المصادر، فإن مجلس العمداء هو مجلس لا وجود إدارياً أو قانونياً له في القانون 66، ولا يحق له اتخاذ أي قرار (خصوصاً الذي يحتاج إلى تشريع في مجلس النواب)، بل في ظل انتهاء فترة مجلس الجامعة الأصيل، تكون إدارة الجامعة بالتوافق بين الرئيس ووزير التربية.
وبالتالي، فإن كل ما يصدر عن مجلس العمداء غير مُلزم، لا بل إن الإمعان في إبراز أي دور لمثل هذا المجلس، الذي لا تنصّ عليه أي مادة في القانون، يصبّ في مصلحة تمادي السلطة وتجاهلها للجامعة، وعدم شعورها بالحاجة إلى معالجة مشاكلها.