تقول بعض المجموعات إن ماكينة الكتائب الانتخابية ووسائل إعلامه وعلاقاته السياسية والدولية تعطي الانتفاضة وزناً لا تملكه
على المقلب الآخر، تقف قوى ومجموعات وناشطون ضد إقامة أي تحالف أو تعاون أو اجتماع مع حزب الكتائب. فتبييض صفحة الحزب كانت تتطلب بالدرجة الأولى مراجعة لأداء الكتائب التاريخي والاعتراف بالأخطاء للبدء من جديد، وهو ما لم يحصل. بل خلافاً لذلك، لا يفوّت سامي مناسبة إلا ويستغلها للتغني بتاريخ الحزب آخرها وصفه عهد والده، أمين الجميل بأنه أفضل عهد مرّ على لبنان. فيما «الكل على علم أن عهد والده كان الأسوأ من ناحية الفساد واتفاق 17 أيار وانهيار الليرة والاقتصاد»، إضافة إلى أن «سامي ورث الرئاسة وكل امتيازاتها عن والده رغم عدم أحقيته بذلك وفقاً لقوانين حزب «الله والوطن والعائلة». وكان سبق لسامي منذ نحو شهرين أن أجاب على سؤال عن تمويل حزب الكتائب بالقول إن الحزب «يملك ثروة عقارية كبيرة»، نافياً أن يكون قد تلقى تمويلاً خارجياً رغم اعتراف الوزيرة القواتية السابقة مي شدياق بتلقي كل قوى 14 آذار تمويلاً خارجياً، ورغم صعود الجميل على نفس الطائرة مع سمير جعجع (عام 2017، قبل أقل من شهرين من اختطاف سعد الحريري في الرياض) قبل سنوات إلى السعودية لتلقي الأوامر. «ماذا يفرق إذاً عن أي حزب آخر مشارك في السلطة؟»، يسأل هؤلاء. مسألة حصر الحزب بالعائلة وتأثير الخارج في قراراته وخياراته والتباهي بما ورثه من ممتلكات العائلة يصعب هضمه بالنسبة لمجموعات أخرى، كـ«نداء 13 نيسان» (المرصد الشعبي لمكافحة الفساد، بيروت مدينتي، تحالف وطني، منتشرين، الكتلة الوطنية، ستريت... ومجموعات مناطقية أخرى)، لِحقّي وآخرين، رغم أن الكتلة الوطنية والنائبة السابقة بولا يعقوبيان أكثر براغماتية من الباقين في هذا الموضوع. وسبق للأمين العام للكتلة الوطنية بيار عيسى أن قال خلال مقابلة تلفزيونية: «إذا أردنا إلغاء كل إنسان له علاقة بالسلطة وبالحرب وبالطائفية وبالفساد، بلغي 99 في المئة من الشعب اللبناني». فتقييم تلك المجموعات «لإسقاط النظام يتمثل بإسقاط كل رموزه وكل من لهم علاقة بالسلطة مباشرة أو غير مباشرة. المشروع هنا هو التغيير الجذري ومن ناحية انقلابية تطيح بالجميع ومن بينهم الكتائب». لكن هل تبيح الانتخابات المحظورات؟ يجيب أحد قادة المجموعات: «لو كنا ننظر إلى الأمر من هذه الناحية كنا دخلنا في تحالف جبهة المعارضة».
ينطلق معارضو مدّ اليد إلى الكتائب مما يعانيه الشباب الناشط على الأرض أكان في الاستحقاقات الجامعية أو النقابية. فبالنسبة لهم لا يكفي أن يحاول سامي الجميل السير بين الألغام لمحاولة التقرب من خطابهم، هناك مجموعة محطات بيّنت بما لا لبس فيه استحالة التحالف مع الحزب، آخرها انتخابات جامعة اليسوعية والخطاب الطائفي الذي اعتمده كتائبيوها: “أجواء الشباب الذين يحتكون يومياً مع مناصري الكتائب وحزبييهم سلبية للغاية ولا يمكن أن يجمعهم بالحزب أي تفصيل مهما كان صغيراً». كما في الجامعات، كذلك في السياسة، فإن «أداء سامي وإجاباته حول سعد الحريري أو كل ما تمثله قوى 14 آذار غير مقبول ولا يمثل جزءاً كبيراً من المجموعات الرافضة للوحدة التي يطلبها الجميل».
رغم هذا الإصرار على رفض الكتائب والتأكيد على صعوبة مدّ اليد والتعاون في أي استحقاق كان، ثمة أمر واقع يقول إن الكتائب بات جزءاً لا يتجزأ من المجموعات المنتسبة إلى انتفاضة 17 تشرين. وأبرز دليل على ذلك ما جرى في انتخابات نقابة المهندسين في بيروت، حيث «هضم التشرينيون» تحالف الكتائب - ضمن «جبهة المعارضة» - مع مجموعة النقابة تنتفض. والأصوات المعلنة المعارضة له خافتة للغاية، وتخرج في الأروقة والغرف المقفلة لا علناً، فضلاً عن أن هناك تفاوتاً في الآراء حوله بين أعضاء المجموعة الواحدة. وخطة سامي الجميل اليوم تقوم على تطبيع حضور الكتائب بين مجموعات المعارضة كقوة رئيسية «داخل قوى الانتفاضة». لكن، خلافاً لما يبتغيه الجميّل، من غير المضمون أن تكون لـ«المعارضة» لوائح موحدة في الانتخابات المقبلة.