في المراحل السابقة التي مرّ بها فيروس «كورونا»، كان القاسم المشترك بينها هو العدد الكبير من الإصابات التي تطال كبار السن. كان ذلك شائعاً، ليس فقط في لبنان، وإنما أيضاً في معظم دول العالم التي كانت تسجل أعداداً كبيرة من الإصابات، كما الوفيات. اليوم، لا يشبه الحال المراحل السابقة، خصوصاً لناحية تسجيل أعدادٍ كبيرة من الإصابات ضمن الفئات العمرية الأصغر سناً. وبحسب التقارير والمتابعة اليومية، تبين بأن النسبة الأكبر من الإصابات تبرز اليوم بين الفئات العمرية التي تتراوح ما بين 20 و45 عاماً، ودون الثمانية عشر عاماً، حيث تصل نسبة الإصابة ضمن تلك الفئة إلى 20 في المئة. وهو مؤشر يشي بخطورة الوضع، خصوصاً أن هذه الفئات هي الأكثر حركة وبإمكانها أن تنشر العدوى... وهو ما يحصل اليوم، مع الدخول في المرحلة الرابعة من التفشي المجتمعي.ولاستدراك الواقع الوبائي، وقبل الدخول في الحلول القاسية من إقفال البلاد أو غيرها من القرارات، تستعجل وزارة الصحة تأمين اللقاحات للفئات المعرضة اليوم للخطر. وفي هذا السياق، أعلنت أمس إطلاق حملة «فايزر» لتغطية الفئات العمرية 1992 - 1997 المسجلين على المنصة حتى 31 تموز. كما لفتت إلى أنه بات متاحاً تسجيل عمر 12 عاماً وما فوق على المنصة استعداداً لتغطية لاحقة. ولفتت مصادر الوزارة إلى أن «هناك سعياً لتأمين لقاحات للأعمار الصغيرة من أجل تمنيع طلاب المدارس... وفي حال تم ذلك من الممكن العمل على تأخير العام الدراسي لأسابيع».
نقص في مستلزمات إجراء فحوصات الـ pcr بسبب توقف الاستيراد وتقنين أصحاب المستودعات


إلى ذلك، لم تكن الأرقام التي وردت في التقرير الرسمي لوزارة الصحة العامة، أمس، حول أعداد الإصابات تبشر بالخير، فللمرة الأولى منذ «الهدنة» الأخيرة تتخطى الإصابات عتبة الألفين يومياً، لتبلغ 2591 إصابة، منها 2581 محلية، وهو ما يجعل «الحذر واجباً، بعدما صار الانتشار أهلياً»، على ما يقول رئيس لجنة الصحة النيابية، الدكتور عاصم عراجي. في تتمة الأرقام أيضاً، ثلاثة مؤشرات أساسية، وهي نسبة إيجابية الفحوص وأعداد المصابين الذين يحتاجون للاستشفاء، إضافة إلى أعداد الوفيات. في النسبة الأولى، يتدحرج مؤشر إيجابية الفحوص صعوداً بسرعة كبيرة بين يومٍ وآخر. وما بين أمس وأول من أمس، ارتفعت نسبة الإيجابية بحدود 0.5 في المئة، فانتقل المؤشر من 7.3 في المئة إلى 7.8 في المئة. وينسحب الحال نفسه على أعداد المصابين الذين يحتاجون للدخول إلى المستشفيات، وفي آخر تحديث للأرقام، وصل عدد الذين يحتاجون للاستشفاء إلى 412 من بينهم 174 في العناية الفائقة (30 منهم موصولون إلى أجهزة التنفس). وإذ يشير عميد كلية العلوم في الجامعة اللبنانية، الدكتور بسام بدران، إلى أن الأرقام الحالية للإصابات لا تزال «ضمن المقدور عليه» لناحية أن العوارض التي تحدث ليست خطيرة، منطلقاً «مما لاحظناه ونلاحظه بين أهل الجامعة»، إلا أن الخوف من أن تفوق تلك الحالات قدرة المستشفيات، التي باتت في ظل الأزمات التي تلاحقها عاجزة عن المواجهة، كما في المراحل السابقة، مع وجود معوقاتٍ كثيرة لناحية فقدان المستلزمات الطبية والأدوية واليوم المازوت.
ثمة قلق آخر اليوم تتسبب به الأزمات الأخيرة، وهو ما يتعلق تحديداً بـ«عدّة الشغل» لإنجاز فحوص الـpcr، من كواشف (kit) إلى العبوات (tube) التي تستخدم في استخراج العينات تمهيداً لفحصها، وهذا الخوف يتعلق بفقدان القدرة أيضاً على تأمينها. وفي هذا السياق، يشير بدران إلى أنه «بدأنا نلاحظ النقص في تلك المعدات، خصوصاً أن استيراد المستلزمات الطبية قد خفّ من الخارج ولم تعد الكميات التي تسلّم كما السابق، أضف إلى ذلك النقص في المعدات التي تنتجها المعامل المحلية ليس فقط بسبب توقف الاستيراد وإنما أيضاً بسبب مشكلة المازوت والكهرباء التي تقف عائقاً أمام إنجاز الأعمال». المشكلة هنا أن «كلو بيلحق بعضو»، ما يعني أنه «إذا توقف معمل البلاستيك لن يكون بإمكاننا الحصول على التيوب مثلاً»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن «كل التيوبات التي تستعمل في استخراج العينات هي شغل المصانع في لبنان التي تعيش اليوم تحت رحمة الأزمات». وإذ أشار بدران إلى أن مختبرات الجامعة اللبنانية تملك اليوم مخزوناً يكفي لأسابيع، إلا أن ذلك ليس معياراً للطمأنينة «خصوصاً أن فحوص البي سي آر متل كل شي بالبلد»، على ما تقول نقيبة أصحاب المختبرات الخاصة، ميرنا جرمانوس. وتشير الأخيرة إلى أن معظم المختبرات تعاني من شح في المعدات بسبب توقف الاستيراد من ناحية وتقنين أصحاب المستودعات في توزيع البضاعة... و«مستلزمات الكورونا وضعها متل وضع الكل، وعندما خفت الإصابات في الفترة السابقة لم تضع الوزارة تلك المستلزمات كأولوية».