مع ارتفاع درجات الحرارة، عادةً، تزداد حالات التسمّم الغذائي، وخصوصاً بسبب الأطعمة التي تقدّم في المطاعم، فكيف بصيفٍ يشهد موجة حر شديدة وتراجعاً كبيراً في جودة الأغذية جرّاء الأزمة الاقتصادية وانعدام الرقابة وغياب الكهرباء؟مشكلة التسمم في المطاعم «قديمة جديدة» تقول نائبة رئيس جمعية المستهلك ندى نعمة، «والشكاوى التي تصل كثيرة». وهي «مرشّحة للازدياد في حال عدم اتّخاذ المطاعم الإجراءات اللازمة للحفاظ على سلامة الغذاء».
في الفترة الأخيرة، كثُر الكلام عن ارتفاع حالات التسمّم، وعُزيت إلى انقطاع الكهرباء في المطاعم. لكنّ مديرة الوقاية الصحية في وزارة الصحة جويس حداد تؤكد أنه «لا يمكننا الجزم بأنّ فساد الطعام سببه انقطاع الكهرباء. وربما لم نقع بعد في مشكلة التسمّم بسبب غياب الكهرباء، إذ إن أغلب الظنّ أن حالات التسمم الحالية ترجع إلى ارتفاع درجة الحرارة». فمقارنة بالسنوات السابقة، «ليس لدينا مؤشّرات أعلى لحالات التسمّم. في سنة 2019، وصلت حالات التسمم المسجّلة إلى 654، و70 حادثة تسمّم جماعي (في المناسبات كالأعراس مثلاً)، أمّا السنة الجارية التي لم تنتهِ بعد، فسجّلت 210 حالات تسمّم، و32 حادثة تسمّم». مشيرةً إلى أنّ سنة 2020 لا يمكن الاستناد إليها كمؤشّر بسبب الحجر المنزليّ وإغلاق البلد، ولا سيّما أنّ معظم حالات التسمّم تكون في المناسبات والتجمّعات، علماً بأنّ حالات التسمّم المسجّلة تشمل أسباباً أخرى غير طعام المطاعم الفاسد، كسلوك الفرد مع الغذاء لناحية المحافظة على سلامته وغيرها...
أرقام وزارة الصحة التي قد تبدو «مريحة»، لا تعني أنّ الأغذية التي يتناولها الناس «بألف خير»، فكثيرون أساساً فقدوا القدرة على شراء الطعام الجاهز أو المثلّج واللحوم والألبان والأجبان... ولا تعني أيضاً أنّ خطر التسمم ليس قائماً، لأنه إذا كانت المطاعم قادرة على «تسيير شؤونها» إلى اليوم، فمَن «يضمن» استمرارية ذلك غداً؟ في هذا السياق، تلفت نعمة إلى أنّ «أجهزة الرقابة كانت ضعيفة في ما خصّ سلامة الغذاء، والآن صارت أضعف. هناك موظفون غير قادرين على الوصول إلى الإدارات بسبب أزمة البنزين، وهو عامل إضافي يعرّض صحّة الناس للخطر».
في زمن الفوضى الذي نعيشه، ما يمكن الاعتماد عليه وفقاً لنعمة هو «التوعية»، فصاحب المطعم أو المتجر يتحمّل مسؤوليّة شراء الكميات التي يستطيع أن يوفر تخزيناً سليماً لها. وتُشدّد على أن مسؤولية الناس التبليغ عن أيّ حالات تسمّم.