منذ نحو شهرين، أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله استعداد الحزب للمساهمة في حل أزمة المحروقات التي يشهدها لبنان. وبينما كانت طوابير الذل أمام «محطات البنزين» من شمال لبنان إلى جنوبه، هي الصورة الغالبة وحديث الناس ومعاناة جزء كبير من السكان، ذكّر السيد نصر الله في كلمة له بـ«العروض الإيرانية واستعداد الجمهورية الإسلامية لبيع المواد النفطية للبنان، بالعملة اللبنانية». يومها وعد بأن «حزب الله لن يقف متفرجاً، وأنه في حال بقاء الدولة ساكنة، فإن الحزب سيأتي ببواخر البنزين والمازوت من إيران». ومنذ ذلك الوقت استغلّت جهات عدة هذا الكلام للتصويب على حزب الله، متهمة إياه بأنه لم يفِ بوعوده وبأن إيران غير قادرة على تأمين حاجة لبنان، لكن يبدو أن هذا الوعد سيُترجم على أرض الواقع قريباً، وذلك وفق ما نُقِل عن السيد نصر الله الذي أشار في اللقاء السنوي مع المبلّغين وقارئي العزاء، عشية بدء شهر محرم أمس، الى أن «مجموعة من الإخوة في حزب الله موجودون في إيران حالياً لاستكمال بحث موضوع البنزين والمازوت»، مؤكداً «أننا سنأتي به عمّا قريب وسندخله سواء براً أو بحراً». ولم يكُن ملف المحروقات هو الوحيد الذي تعهّد نصر الله بالمساهمة في حلّه، فقد أكد أيضاً أن أزمة الدواء تدخل ضمن أولويات الحزب، لافتاً إلى أن «الحزب سيأتي بالدواء الإيراني إلى السوق اللبنانية»، ورداً على الحملات التحريضية التي انطلقت منذ أسابيع ضد استقدام الأدوية الإيرانية قال «يبلطوا البحر، واللي بيقولوا عن الأدوية الإيراينة سمّ، ما ياخدوا منها». وتعليقاً على الأحداث الأخيرة في الجية وخلدة وارتفاع منسوب التحريض الطائفي والمذهبي في البلاد، أشار السيد نصر الله إلى أن «حزب الله لن ينجر إلى حرب أهلية، ونعلم ما يجب أن نفعله».وتحدّث السيد نصر الله عن ثلاثة عناوين يجري العمل عليها في مواجهة حزب الله، وهي: (1) تشويه صورة حزب الله وضرب النموذج، (2) جر حزب الله الى حرب داخلية... مشيراً إلى أن ذلك «مبني على معطيات بدأت من حجز الحريري الذي كان الهدف منه إشعال الحرب الأهلية، ولكن موقف القوى السياسية في لبنان، ومنها حزب الله، فاجأ السعودية ودفعها إلى تغيير مسار عملها».
أما بالنسبة الى جريمة قتل علي شبلي في الجية يوم السبت الفائت، فقال نصر الله: «نحنا ما عندنا دم بروح على الأرض، ولكن لا نذهب الى حيث يريد العدو. فنزول الحزب الى الأرض كان سيعني قراراً بحرب داخلية، وهناك من يسعى إلى جلب السلاح لقتالنا»، مُثنياً على «وعي الشارع المؤيد للمقاومة في ما حصل من أحداث في الأيام الأخيرة».
نصر الله عن كمين خلدة: لا نذهب إلى حيث يريد العدوّ


والعنوان الثالث هو الحرب الاقتصادية التي اعتبر بأنها «ليست صدفة، وعلينا أن نصبر وأن نكون جديين في العمل». وأشار إلى أن «قرار استيراد المواد من إيران اتخذ، وبدأ العمل على ذلك وكلها قرارات صعبة تحتاج الى وقت. والمواد النفطية هي من الحاجات التي لا يمكن الاستغناء عنها، وتحديداً المازوت الذي لا يمكن ترك البلد من دون تأمينه».
حكومياً، وبعدما حملت زيارة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لرئيس الجمهورية ميشال عون قبل يومين أولى إشارات دخول مسار تأليف الحكومة في أزمة على خلفية تمسك ميقاتي بالإبقاء على التوزيعة الطائفية نفسها للحقائب السيادية الأربع، ورغبته في أن تكون وزارة الداخلية بيد وزير من الطائفة السنية، لم يطرأ أي جديد في اليومين الماضيين، بينما الجميع ينتظر ما ستؤول إليه الأمور يوم غد الخميس، حين سيزور ميقاتي بعبدا للمرة الخامسة استكمالاً للمداولات. مصادر مطلعة قالت إن «جو الرئيس عون تجاه ميقاتي سلبي جداً، فيما الأخير عبّر عن وجود صعوبات خلال تواصله مع الجهات السياسية، لكنه أكد أنه لا يريد استعجال النتائج».
في المقابل، أوضحت مصادر متابعة لمسار تشكيل الحكومة أن «طرح مسألة اعتماد المداورة الشاملة في توزيع الحقائب الوزارية لا يستجيب للمبادرة الفرنسية التي وافقت عليها جميع الأطراف فحسب، بل يهدف كذلك الى عدم تكريس أعراف جديدة مخالفة للدستور». ودعت المصادر الى العودة الى «مبدأ المداورة في توزيع الحقائب الوزارية كافة إحقاقاً للعدالة والمساواة بين اللبنانيين وحفاظاً على الشراكة الوطنية التي هي عماد الوحدة والعيش المشترك، ما يسهل عملية تشكيل الحكومة العتيدة لمواجهة الظروف الدقيقة التي يمر بها الوطن».
وفيما تتجه الأنظار إلى «يوم الغضب» في الذكرى السنوية الأولى لتفجير مرفأ بيروت وما ستؤول إليه الأوضاع الأمنية، أعلنت الرئاسة الفرنسية أن المؤتمر الدولي الذي تنظمه باريس والأمم المتحدة دعماً للبنان يهدف إلى جمع 350 مليون دولار للاستجابة لحاجات السكان مع تدهور الوضع في البلاد. وستتخلّل المؤتمر كلمات لكل من: الرئيس ميشال عون، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والرئيس الأميركي جو بايدن، بالإضافة إلى الرؤساء: المصري، اليوناني والعراقي، والملك الأردني، والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي والمدير العام لمنظمة الصحة العالمية، ورئيس وزراء كندا، ورئيس الاتحاد الأوروبي ورئيس وزراء الكويت.
كما يشارك في المؤتمر وزراء خارجية: ألمانيا، النمسا، هولندا، قبرص، بريطانيا، إيطاليا، بلجيكا، فنلندا، كرواتيا، إسبانيا، قطر وسويسرا. فيما ستنضمّ المملكة العربية السعودية، الإمارات، الصين والجامعة العربية عبر ممثلين لها.