بغطاء سياسي من رئاسة الحكومة ومختلف القوى السياسية، قرر وزير التربية طارق المجذوب إلغاء امتحانات شهادة البريفيه والتكميلية المهنية (BP)، قبل 5 أيام من إجرائها، وإعطاء إفادات للطلاب المبررين دراسياً مع تنظيم الامتحانات لأصحاب الطلبات الحرة في التعليم العام والتعليم المهني. وكانت الساعات الثماني والأربعون التي سبقت قرار الإلغاء قد شهدت انسحابات كثيرة لرؤساء المراكز والمراقبين في الشهادة المتوسطة، قبل أن تبلغ هيئة التنسيق النقابية المجذوب، صباح أمس، أنها لا تضمن مشاركة الأساتذة في أعمال الامتحانات، مع إعلان تمسّكها بشهادة الثانوية العامة. وعلمت «الأخبار» أن الوزارة أجرت، قبل أسبوع، تجربة للاستحقاق في المدارس، وكانت أعداد رؤساء المراكز مكتملة في 550 مدرسة ــــ مركزاً من أصل 700، فيما كان هناك نقص في 150 مركزاَ، إلا أن انسحاب 50 في المئة من الأساتذة دفعة واحدة في اليومين الأخيرين أعاد خلط الأوراق و«جعل التنفيذ محفوفاً بالمخاطر»، كما جاء في بيان الوزير، وخصوصاً أنه كان مقرراً أن تنظّم تجربة ثانية هذين اليومين. وكانت الروابط والنقابات قد وعدت الوزير بإجراء الامتحانات وطالبت، بحسب البيان، بزيادة البدلات، «لكن عند اقتراب الموعد، أصدرت هيئة التنسيق بيانات ضبابية بخصوص المشاركة في أعمال الشهادة المتوسطة»، علماً بأن «قرار إجراء الامتحانات الرسمية الذي اتخذته وزارة التربية مجتمعة جاء بعد تقييم أجري لواقع الشهادة الوطنية من جهة، وللوضع الصحي في البلاد من جهة أخرى بعد التنسيق مع من يلزم، واستعدت الوزارة بكل مديرياتها ووحداتها من إعداد المركز التربوي للبحوث والإنماء لمنهج مقلّص، مروراً بآلية تضمن إجراء الامتحانات في مدارس التلامذة لتخفيف الضغط النفسي، وصولاً الى تحضير أسئلة مدروسة تراعي الأوضاع السائدة».كذلك أبلغ الجهاز الإداري في الوزارة المعني بتنظيم الامتحانات المجذوب أنه قد يكون من الصعوبة تأمين بدائل لرؤساء المراكز والمراقبين إذا تركت هيئة التنسيق الأمور ضبابية حتى ربع الساعة الأخير ولم تحسم مشاركة الأساتذة، إضافة إلى مشكلة توفر البنزين. وفي المعلومات أيضاً أن قيادة قوى الأمن طلبت من وزارة التربية تأمين بنزين ووجبات غذائية لعناصر القوى الأمنية المكلفين حماية مراكز الامتحانات.
هذه الصعوبات والعوائق مجتمعة حملها وزير التربية إلى اجتماع عقد برئاسة رئيس الحكومة وبحضور وزراء الداخلية والطاقة والصحة والاتصالات. وبعد تقديم المجذوب دراسة عن الواقع، اتفق على قرار إلغاء امتحانات الشهادة المتوسطة لهذا العام. لكن ما لم يكن مفهوماً، للتربويين، أن يدعو الوزير في بيانه النواب الى «إلغاء الشهادة المتوسطة نهائياً للسنوات المقبلة كي لا يبقى التلامذة رهينة التقلبات السياسية والاقتصادية»، علماً بأن المسألة يجب أن تكون استثنائية لهذا العام وأن هناك حاجة، بحسب مصادر تربوية، إلى ورشة وطنية للنظر في صلاحية الفكرة وجدواها ومسوّغاتها، في ضوء الواقع اللبناني والتجارب الدولية العربية والغربية.
المجذوب وضع اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة في أجواء قراره، وبدا مستاءً لأن يصل إلى هذا القرار بعد الاستعدادات اللوجستية الواسعة وتأمين الأموال من الجهات المانحة، إلا أنه يخشى من مقاطعة الأساتذة لأعمال الامتحانات ولا سيما رؤساء المراكز والمراقبين العامين. وقالت مصادر المؤسسات إنها لم تكن مع البريفيه في البداية، لكنها التزمت بالتعاون لإنجاح الاستحقاق ما دامت الجهات القانونية والرسمية قررت ذلك.
أما اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الحاصة، فأعلن تأييده للقرار انسجاماً مع موقفه الذي سبق أن أعلنه تبعاً للظروف الصحية الناشئة عن متحوّر دلتا وعدم الجهوزية النفسية والاقتصادية والتربوية للطلاب. إلا أن الاتحاد شجب التدخلات السياسية في هذا الملف التربوي والأكاديمي، محمّلاً المنظومة الحاكمة المسؤولية الكاملة لما آل إليه القطاع التربوي عموماً من تفكك يشارف على انهياره التام.