- إبراهيم كنعان أول من أمس:«كما فات كاتب المقال أن الخطة التي عنها يدافع بدأت بالتخلّف عن دفع سندات اليوروبوند المستحقة في شهر آذار 2020 من دون أي تنسيق مع الدائنين، ومن دون أية خطة لهيكلة الديون، مما جعل كل ديون الدولة اللبنانية مستحقّة الأداء، ما أوصلنا إلى الانهيار التام وضياع أموال المودعين. وسماسرة التخلّف عن الدفع هم أنفسهم سماسرة الخطة ومعروفون بالاسم».

- إبراهيم كنعان أمس:
«إن قول الصحافي عليق «بأن النائب كنعان يصرّ على أن الانهيار التام بدأ بعد توقف الحكومة عن دفع الديون التي كانت مستحقّة في آذار 2020»، هو كذب وتزوير للحقائق...».
■ ■ ■

رداً على ما ورد في «الأخبار» أمس، (تحت عنوان «ردّ من إبراهيم كنعان... ورَدّ على الردّ»)، أصدر رئيس لجنة المال والموازنة النيابية، ابراهيم كنعان، بياناً نشره في عدد من وسائل الإعلام، يتهم فيه كاتب الرد عليه أمس بأنه يعمل بطريقة «وزير الدعاية الهتلرية جوزف غوبلز».
ما يعنينا من ردّ أمس ومن الذي سبقه، هو ثلاثة أمور:
1- المقتطفان المذكورَان أعلاه ليسا سوى دليل على كذب كنعان. هو قال، أول من أمس، في رده على «الأخبار» (المنشور في عدد أمس) بوضوح إن التوقف عن دفع الديون أوصل البلاد إلى الانهيار التام. وعندما شرحنا المعنى السياسي لما يقول (تكرار الدعاية المعادية لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون واتهامه بالتسبب بالانهيار بصفته شريكاً في قرار التوقف عن الدفع)، يتهمنا كنعان بالكذب والتزوير. هذا النائب المؤتمن على مصالح الأمة، يمتهن التزوير، ليس تزوير الوقائع العامة وحسب، بل أيضاً تزويره ما يتفوّه به بنفسه، في غضون أقل من 24 ساعة.
2- موقفه السياسي، بالمعنى الحقيقي للكلمة، لا بالمعنى «الشعاراتي» المخادع. كنعان، كزميله السابق في تكتل «لبنان القوي»، إيلي الفرزلي، من الأعضاء الفاعلين في حزب المصرف. لكنّ الفرزلي كان أكثر شجاعة من كنعان، بأن أعلن موقفه صراحة. أما كنعان، فلا يزال يوارب. وفي ردّه أمس، يقول عن «خطة التعافي المالي» التي أقرّتها حكومة حسان دياب، وكان (كنعان) على رأس حربة إسقاطها في المجلس النيابي: «دافع عنها كما وردت ولا يزال مأجورون وفاسدون». وفي هذه العبارة تكمن حقيقة الموقف السياسي لكنعان. فالخطة أقرّتها الحكومة، بدفع من رئيس الجمهورية ميشال عون، وشارك في وضعها ودافع عنها مستشارون لرئيس الجمهورية. ويوم الأحد الفائت، أعاد رئيس التكتل الذي ينتمي إليه (في الظاهر) كنعان، النائب جبران باسيل، مطالبة الحكومة بتطبيق تلك الخطة، رغم ملاحظاته عليها. وهنا مكمن موقف كنعان، الذي يمنح انتماءه إلى حزب المصرف الأولوية على أي انتماء آخر، إلى حدّ تكرار أضاليل حزب المصرف عن تسبّب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بالانهيار، وإلى حدّ اتهامه رئيس التكتل ومستشاري رئيس الجمهورية بأنهم مأجورون وفاسدون.
3- لا يزال ابراهيم كنعان يتصرّف، كما معظم زملائه النواب والوزراء، بصورة توحي بأن العمل السياسي هو «توك شو». كل همّه هو الأداء الشعبوي، مصرّاً على تصوير عمله في اللجنة على مراجعة بعض حسابات الدولة كما لو أنه الفتح العظيم، فيما هذا العمل يقع في أسفل سلّم واجبات رئيس لجنة المال والموازنة النيابية. بعيداً عن ذلك «الشو»، يكمن العمل السياسي، بمعناه الحقيقي، وتجلّى في الدور الذي تطوّع له كنعان، ويفتخر به، أي تدمير خطة الحكومة الإنقاذية. تلك الخطة، ورغم كل ما فيها من ثغر وشوائب، كانت محاولة جدية للخروج من الأزمة. يفتخر كنعان بتدميرها، لا لصالح خطة أخرى أفضل منها، بل لحساب ما أراده أسياده في حزب المصرف، لجهة استمرار الانهيار في مساره الذي نعيش فيه، من دون تدخل الدولة. فهذا الحزب تمسّك بإهدار الوقت الثمين الذي كان ينبغي أن يُستغل من قبل المجلس النيابي والحكومة لإقرار شبكة أمان تقي سكان لبنان شرّ الارتطام الكبير الذي لم يصلوا إليه بعد. وما أراده حزب المصرف، ليس عبثياً، بل قرار عن سابق تصوّر وتصميم، بهدف تحميل خسائر القطاع المالي إلى عموم الناس، بدلاً من أن يتحمّل جزءاً منها أصحاب المصارف وكبار المودعين. وهذا الحزب ليس «هيولياً»، بل هو متجسّد في أحزاب ومؤسسات وأفراد موجودين في مواقع حسّاسة في الدولة، كإبراهيم كنعان وزميليه نقولا نحاس وياسين جابر، الذين ارتضوا، نيابة عن كتلهم السياسية، في لحظة تاريخية، أن ينفّذوا جريمة بحق سكان لبنان، عبر إسقاط الورقة الوحيدة التي كانت ترسم مساراً للخروج من الأزمة، بأضرار كانت لتكون أقلّ (بما لا يُقاس) مما نعانيه اليوم.

ملاحظة على الهامش:
في ردّه أمس، يسأل كنعان: «أين كان الصحافي عليق منذ أكثر من عشر سنوات حين بدأت لجنة المال والموازنة، التي يهاجمها، بإصدار التوصيات إلى الحكومات المتعاقبة من أجل القيام بالإصلاحات اللازمة للإنقاذ المالي والاقتصادي والبنيوي، وما زالت في مسارها هذا حتى عندما أقرّت اقتراح قانون الكابيتال كونترول المعدّل؟»... بصرف النظر عن فضيحة نسخة الكابيتال كونترول التي خرجت من «تحت يدي» كنعان (راجع «الأخبار»، 16 حزيران 2021)، فإن سؤال كنعان هذا يصلح لأن يكون جزءاً من عرض كوميدي. نائب يسأل صحافياً عما قام به. رئيس لجنة نيابية، عضو في أكبر تكتل نيابي، وعضو في حزب رئيس الجمهورية... يسأل صحافياً عما قام به. سعادتك، أنا من يطرح الأسئلة، وأنت تجيب، بصفتك تتقاضى راتباً شهرياً من المال العام. ومع ذلك، سأخبرك أنني، وقبل 10 سنوات، كنتُ مغشوشاً بمواقفك، ولم أستمع، للأسف، إلى نصائح رفيقي الذي كان ينبّهني إلى كونك تمارس واحدة من أكبر عمليات الغشّ والتضليل، في خدمة المنظومة، من خلال التركيز على مساوئها المحاسبية، فيما أزمتنا أكثر عمقاً من السرقة عبر الإنفاق العام أو من «الإهمال الوظيفي». فعلى سبيل المثال لا الحصر، ما قمتَ به، مع زميليك ياسين جابر ونقولا نحاس، في جلسات معدودة عام 2020، لا يقلّ خطورة عن مجمل ما ارتكبه الحريريون بين عامَي 1992 و2005. بصورة أدقّ، استكملتم بكل أمانة، ما قام به «الحريريون»، حتى استحققتَ، شخصياً، تهنئة الرئيس سعد الحريري. بكلام أكثر دقّة: في عام 2020، أبدعتَ في خدمة ما تسمونه «الحريرية»، إلى الحدّ الذي يجعل فؤاد السنيورة يتحسّر على كونه لا يمتلك مواهبك.