598 مليون دولار أميركي هي قيمة الفاتورة الدوائية السنوية التي يُفترض أن يدعمها مصرف لبنان. هذه خلاصة ما قدمته الحكومة إلى اللجان النيابية المشتركة التي كانت تدرس مشروع البطاقة التمويلية، محدّدة «المبلغ المقطوع» للأدوية التي يفترض دعمها بـ 46% من أصل قيمة الدعم الحالي، والذي تضمن عملياً تغطية علاجات الأمراض السرطانية والمستعصية والمزمنة والحالات الحادة. أما ما يبقى خارج الدعم الرسمي، والذي قدّرته اللجنة بـ 56%، فلم يأخذ حيّزاً من النقاش، وإن كانت الآراء تختلف حوله ما بين إبقائه مدعوماً على أساس سعر صرف 3900 ليرة أو إخراجه نهائياً وتركه خاضعاً لسعر السوق. مع ذلك، لا تولي الأطراف المعنية بالنقاشات أهمية كبيرة لتلك الأدوية، وخصوصاً أن معظمها من الأدوية التي تُباع من دون وصفة طبية (otc) وأدوية الصحة العامة، التي توجد في الغالب لائحة ببدائلها... كما أن بعضها لا يستخدم، على ما تقول مصادر وزارة الصحة العامة.أما في ما يخص تفاصيل الأرقام التي طرحت أمس، فقد اتفقت الآراء، ومنها آراء ممثلي وزارة الصحة العامة، على استقرار الدعم على قيمة 598 مليون دولار، أي بمعدّل 50 مليوناً شهرياً يصرفها المركزي بناءً على موافقة مسبقة من وزارة الصحة تقرر من خلالها الأدوية التي يحتاج إليها السوق، على أن يبدأ الصرف مطلع الشهر المقبل، في حال موافقة «المركزي» على ذلك. وهذا يعني عملياً انخفاض قيمة دعم الفاتورة الدوائية السنوية التي كانت تكلف ما يوازي مليار و300 مليون دولار أميركي إلى النصف.
بخلاف الوعد الذي قطعه سلامة لوزير الصحة، لم يناقش المجلس المركزي مسألة دعم الدواء أمس


على أساس حسبة الأرقام، يُفترض أن ما بقي للأشهر الستة المقبلة هو بمعدل 299 مليون دولار أميركي. لكن، هل يمكن أن تفي تلك الأموال بالغرض؟ عملياً «نحنا ما عنا مشكلة، وإن كان نصف المبلغ»، تقول مصادر وزارة الصحة، انطلاقاً من أن الرقم المطروح ليس بعيداً عما يناقشه المعنيون منذ فترة وما وصلوا إليه أيضاً في السيناريوات التي وضعوها، وفي الخطة الأساسية للدواء والتي تتضمن أولويات الدعم. وتشير المصادر إلى أنه جرى «تجهيز أكثر من طريقة ومن خيار ضمن الخطة الدوائية تتحرك ضمن هامش الـ 600 مليون دولار». لا يخشى هؤلاء من قيمة المبلغ، بقدر خشيتهم من نيات حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة. فبالنسبة إليهم، «الأمور سالكة» من ناحية الوزارة، وإنما ما يخشونه هو «عودة حاكم المصرف عن وعده». يحسم هؤلاء الجدل بالقول إن ما هو مطلوب اليوم هو أن «يقول المصرف المركزي إن الأموال موجودة... ونحنا ماشيين معو». وسبب الخشية هو أن سلامة سبق أن وعد وزير الصحة حمد حسن، بأن يناقش المجلس المركزي لمصرف لبنان مسألة آلية دعم الدواء وإقرارها، في جلسته أمس. لكن مصادر المجلس تؤكد أن اجتماعهم أمس لم يأتِ على ذكر الدعم لا من قريب ولا من بعيد! وزاد من الشكوك حول نيات سلامة، ما سمعه البعض أمس على لسان وزير المالية، غازي وزني، لناحية الأموال المتوفرة لدى مصرف لبنان. وينقل بعض النواب عنه قوله في جلسة اللجان النيابية أمس أنه «ما عاد معنا غير الاحتياطي الإلزامي». وهنا تكمن الخشية بالنسبة إلى كثيرين، ومنهم رئيس لجنة الصحة النيابية، الدكتور عاصم عراجي، الذي لا يعلّق الكثير من الآمال على ما قد يذهب إليه حاكم المصرف في قراراته المدوّنة.