شعرها أشقر إلى حدّ البياض. جفناها حمراوان، بشرتها بيضاء متلألئة تكاد تظهر العروق التي في داخلها. ورثت ملامح والديها... ومرضهما الجلدي الذي وضعها أمام تحديات اجتماعية ومضاعفات تؤثر على صحتها. فهي «ليست طبيعية»، إذ لا يمكنها الاستمتاع بأشعة الشمس، لكونها تعاني من مرض الـ«آلبينيسم» (المهق)، الذي تؤثر فيه الشمس، بشدة، على بشرة المريض وعيونه.و«المهق» من الأمراض الجلدية غير الشائعة. ويعرفه الأطباء على أنه مرض وراثي نادر ينتج من طفرة جينية تؤدي إلى نقص في الميلانين الملوِّن أو إلى غيابه بالكامل. والميلانين هو المادة المسؤولة عن صبغ الجلد والشعر وحمايتهما من أشعة الشمس الضارة، ولا يقتصر دوره فقط على منح اللون، بل له دور آخر في نمو بعض الأعصاب البصرية، لذا يتسبب نقص الميلانين بمضاعفات بصرية ومشكلات في العيون. وهذا المرض شديد التأثر بأشعة الشمس، ما يفرض على المرضى الذين يعانون منه حماية مضاعفة لبشرتهم وعيونهم تجنباً لعواقب خطيرة قد تسببها هذه الأشعة، كسرطان الجلد مثلاً.
يرث المريض هذه «الطفرة» من والديه معاً. إذ لا تأتي من طرفٍ واحد، وإنما تحدث عندما يكون الأب والأم مصابين بالمرض وإن لم تظهر عوارضه عليهما، وقد ينتقل أيضاً من الأقارب. كما أنه يصيب كلا الجنسين ويوجد في جميع بلدان العالم، بصرف النظر عن الأصل العرقي. لكن الدراسات العلمية تشير الى أن إفريقيا تسجّل النسبة الأكبر من الانتشار (واحد من كل 1000 شخص). أما في لبنان، فلا أرقام تفيد عن مدى انتشار المرض. مع ذلك، يمكن الحديث عن حالات للمهق في البلاد، وفي بعض الأحيان حالتين أو أكثر ضمن العائلة الواحدة.
«لا يوجد علاج للآلبينيسم. المطلوب فقط هو الوقاية»، وفق طبيب الأمراض الجلدية فراس حمزة، مؤكداً لـ«الأخبار» أن خطورة المرض تكمن في «تعرض المريض لأشعة شمسٍ قوية قد تتسبب في حروق أو تؤدي إلى سرطان في الجلد، وهنا يكون دورنا في العلاج». ويلفت إلى أن طرق الوقاية عادة ما تكون باستخدام نظارات طبية وشمسية، وتجنب التعرض لأشعة الشمس بارتداء ملابس تغطي أجزاء الجسد، ووضع كريمات الوقاية بشكل منتظم.
اليوم، في ظل الأزمة، يعاني مرضى «المهق» من صعوبة الحصول على علاجاتهم لأنها في معظمها من «كريمات» الوقاية من الشمس، وخصوصاً مع وصول سعر الأخيرة إلى أكثر 150 ألف ليرة في بعض الأحيان. وقد بات من الصعب تأمينها مع الانقطاع المتزايد للأدوية والمستحضرات الصيدلانية. فما هو البديل؟
في لبنان، لا بدائل ولا برامج «دعم». ففي حين أطلقت منظمة الأمم المتحدة شعار «قوة تفوق كل الصعاب» كموضوع لليوم العالمي للتوعية بالمهق لهذا العام (صادف السبت الماضي) لتسلط الضوء على إنجازات الأشخاص المصابين في المجالات الحياتية والعملية كافة وقدرتهم على تخطي الصعاب، لا يزال المرضى في لبنان ينتظرون الحصول على دواء بـ»القطارة» من جهة ويراقبون بورصة أسعاره التي ترتفع بلا سقف.