لم تبلغ بعد وزارة التربية الطلاب المرشحين لنيل منحة دراسية كاملة في الجامعات الكندية النتيجة بواسطة إيميلاتهم، لكن وزير التربية طارق المجذوب اختار الأسماء ووقّع النتيجة. وبما أنه لا سرّ في البلد الصغير، تناقل الطلاب وأهاليهم، أخيراً، تسريبات بشأنها، وخاب أمل متفوقين كانوا يظنون أن المنحة ستكون من نصيبهم، وتبادلوا «خبريات» مفادها أن التوازن الطائفي كان معياراً غالباً، وأن معظم المحظوظين كانوا من طائفة معينة ومن تيار سياسي واحد (التيار الوطني الحر).وفي انتظار التبليغ في 14 الحالي، وبصرف النظر عن دقة هذه التسريبات أو عدم دقتها، فإن المسألة ليست هنا فحسب، إذ إن الاطلاع على المسار الذي تسلكه أي منحة تأتي من الجامعات الخارجية يُظهر بشكل أساسي عدم وجود معايير معلنة لاختيار الفائزين، وغياب لجنة تدرس الطلبات المقدمة لنيل المنحة، وعدم اشتراط أن يقدم المرشح ملفاً جدياً.
لا تنشر وزارة التربية على موقعها المعايير التي «تغربل» الأسماء على أساسها، وإذا ما كانت تتعلق بالعلامات والدرجات، أو الوضع الاجتماعي أو الاعتبار المناطقي أو أولوية المدرسة الرسمية أو الخاصة، الجامعة اللبنانية أو الجامعة الخاصة، البكالوريا اللبنانية أو البكالوريات الأجنبية. كذلك، يؤخذ على الوزارة تقصير المهلة الزمنية لجمع الأوراق وتقديم الطلبات، إذ إن المهلة للمنحة الكندية لم تتجاوز 15 يوماً، من 15 نيسان حتى 30 منه، علماً بأن هناك شهادات تحتاج إلى تصديق أو ما شابه، وهذا يستغرق وقتاً. ومن المستندات المطلوبة قبول الجامعة الكندية للطالب المرشح، وهو ما يصطدم به بعض الطلاب. أما اشتراط أن يسجل الطالب في الجامعة للحصول على المنحة، فهذا ما تستغربه مصادر الطلاب المرشحين، إذ إن هذه العملية قد تكلف الطالب 700 دولار، من دون أن يضمن الحصول على المنحة بالضرورة.
يدير المنح موظف ملحق بوزير التربية ورئيس القسم لا عمل له


أما من يستقبل طلبات الترشيح ويرفعها إلى الوزير للموافقة عليها فهو وليد زين الدين، موظف ملحق بمكتب وزير التربية من خارج قسم البعثات والمنح التابع، بحسب الهيكلية القانونية للوزارة، لمصلحة الشؤون الثقافية التي تتبع بدورها للمديرية العامة للتربية. وثمة مصادر إدارية في الوزارة تقول إن المديرية الأخيرة لا تعنى فعلاً بالتعليم العالي، لكن كان يفترض أن يكون هناك تكوين قانوني للمنح، وأن تكون تابعة لوحدة إدارية لقطع الطريق على أي استنسابية، لا أن يكلف شخص واحد القيام بهذه المهمة، ثم يحصر القرار فيها بالوزير، في حين أن رئيس القسم في المصلحة لا يتعاطى بهذا الملف. كذلك فإن الأسماء لا تمر على أي لجنة تدرس الطلبات وتختار المستحقين وفق معايير شفافة.
زين الدين قال لـ «الأخبار» إن المعيار الأساسي بعد العلامات هو الوضع الاجتماعي للطالب، فالأولوية للطالب الذي ينتمي إلى مستوى اجتماعي أقل، لذا فإن إفادة الراتب لولي الأمر هي من المستندات المطلوبة في طلب الترشيح. وأشار إلى أن المنح الكندية محددة وموزعة على 47 مقعداً (23 ليسانس و20 ماجستير و4 دكتوراه). لكن مصادر الطلاب تسأل: «ألا يفترض ليكون الملف جدياً لجهة مراعاة الوضع الاجتماعي أن يتضمن كشف حساب عن سنة كاملة أو ستة أشهر ونسخة عن الممتلكات العقارية؟ وإذا كانت المنحة تغطي فقط القسط، فماذا عن بدل السكن والمصاريف الأخرى؟ هل سيكون ولي الأمر الذي لا يملك ثمن المعيشة قادراً على تأمينها؟».
ظاهرياً، تبدو كلمة الفصل في المنح للوزير، فهل عمل الأخير على تعديل الآلية أو المسار الذي تسلكه المنحة؟ أو هل هو قادر على تعديلها فعلاً أم أن هناك شبكة موازين قوى تحكمه لكونه غير مدعوم سياسياً؟ ومن يشرف حقيقة على اختيار أسماء الطلاب الفائزين بالمنحة؟