فرضت لجنة متابعة التدابير والإجراءات الوقائية لفيروس كورونا على المسافرين القادمين من بريطانيا والبرازيل سلّة إجراءات حسبها العائدون في ميزان «العقاب» لا الاحتراز، كمطالبتهم بإجراء فحوص PCR لدى وصولهم حتى ولو كانوا قد أجروا فحوصات مماثلة قبيل قدومهم، وتحميلهم كلفة حجزٍ فندقي لمدة خمسة أيامٍ في فنادق محددة مسبقاً من قبل وزارة السياحة.مكمن الشكوى ليس في الاحتراز من المتغير الهندي، كما تعلّل اللجنة، وإنما في «السلّة» وفي الممارسة الانتقائية. ففي المقام الأول، يشكو العائدون، منذ صدور القرار قبل أسبوع، من الكلفة التي يفرضها عليهم القرار، بحيث «يتوجب علينا دفع 50 دولاراً عن كل فحص والحجر الفندقي على نفقتنا لمدة خمسة أيام»، على ما يقول أحد العائدين من بريطانيا. والأنكى من ذلك، ما يرويه عائدون من هناك أيضاً، واجه بعضهم «تعنّت شركة الطيران اللبنانية التي كانت ترفض إدخال أي شخص إلى الطائرة من دون الحجز الفندقي، وهذا مفهوم. لكن المشكلة أن البعض لم يتمكن من الحجز لأن الفنادق المحددة بموجب التعميم كانت مفوّلة ولا أماكن شاغرة فيها» (!). هنا، تكمن «الحزورة» وتُثار شكوك وتساؤلات عن سبب فرض فنادق بعينها، من دون ترك حرية الخيار للعائد للحجز في فنادق «تتناسب مع ميزانيتنا، وخصوصاً أن معظمنا يعود مع عائلته، ما يعني تكاليف كبيرة». أضف إلى ذلك، ثمة سرديات كثيرة عن تجاوزات لبعض الفنادق وابتزازها للعائدين والوصول إلى حد «إعطائنا إفادات بالحجز مزوّرة مقابل المال»!
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن أحد الفنادق عرض «خدمة» منح المسافرين الآتين من البرازيل إفادة حجز مزورة مقابل مئة دولار. ويصف مصدر في مكاتب السفر ما يحصل بـ «الفضيحة» نتيجة توالي شكاوى المُسافرين حول مصير أموالهم، لافتاً إلى أن «كثيرين يعمدون الى لملمة الموضوع وعدم إثارته تهرباً من الإقامة الجبرية في الفندق لمدة أربعة أيام». كذلك شكا مسافرون آتون من البرازيل من فوضى عارمة في المطار. إحدى القادمات قبل أيام أكّدت لـ«الأخبار» أن ركاب الطائرة «انتظروا أكثر من ساعتين في قاعة المطار وصول حافلات النقل المفترض أن ترسلها الأوتيلات التي حجزوا فيها، إلا أن أياً من الحافلات أو سيارات الأجرة لم تأت. بعدها قيل لنا إنه يمكننا الذهاب مباشرة الى منازلنا رغم أن كل مسافر دفع نحو مليونين ومئتي ألف ليرة على الأقل حجزاً للفندق». ونقلت عن لسان موظفة إحدى الفنادق قولها إن الأموال التي دفعتها هي «ثمن قبول استقبالها في لبنان بمعزل عن إقامتها في الفندق»، مُشيرة إلى أن كل المعطيات «توحي بوجود سمسرة بين الفنادق وبعض الجهات الرسمية».
فنادق تقدّم حجوزات مزوّرة مقابل 100 دولار!


المستغرب هو اقتصار التعميم على بلدين فقط، في وقت باتت فيه «الطفرة الهندية» منتشرة في معظم دول العالم. ولئن كان تبرير اللجنة بأن بريطانيا هي الدولة الوحيدة التي أعلنت حتى الآن إصابة 50% من مواطنيها بتلك الطفرة، فيما البرازيل «تدبّ» فيها الإصابات، يأخذ العائدون، كما بعض الأعضاء في اللجنة، على هذا القرار أنه «غير منطقي، وخصوصاً أن نسبة التلقيح في بريطانيا عالية جداً ومتقدمة على كثير من البلدان»، ولكن «يبدو أن هناك تنفيعة جديدة لبعض لفنادق». من هنا، يعتبر هؤلاء القرار أقرب «إلى المصيدة: باعونا الحجوزات وأصدروا التعميم»!
يبدو رئيس اللجنة الوطنية للقاح كورونا، الدكتور عبد الرحمن البزري، أقرب إلى وجهة نظر العائدين، إذ يعتبر أن القرار «إلو طعمة وما إلو طعمة». فإن كانت الحاجة إليه ضرورية «وأكيدة» للوقاية من المتغيرات الآتية من الخارج، إلا أنه «ليس مفهوماً لماذا حصره ببريطانيا والبرازيل»، وهذا دونه، بحسب البزري، مجموعة من الاستفسارات التي تتطلب توضيحاً. أضف إلى ذلك، يستغرب البزري هوية مدير الملف: «كيف يعني يدير الملف الطيران المدني مش السلطات الصحية؟». هنا، يعرّج البزري على بعض الأرقام لإسناد كلامه، مشيراً إلى أنه منذ بداية أزمة كورونا، «لم تشكل نسبة الإصابة بين الآتين من الخارج أكثر من 2%، فيما كانت معظم الإصابات محلية»، أضف إلى ذلك أن الوضع الآن في لبنان «أريح»، حيث انتقلت البلاد من المرحلة الرابعة من الفيروس إلى المرحلة الثانية، فيما انتقلت نسبة الوفيات إلى المرحلة الأولى «وهذا يعدّ إنجازاً صحياً».
المعنيون بالقرار يأخذون على البزري، كما العائدين، «استسهال الواقع». يؤكد رئيس لجنة متابعة التدابير والإجراءات، اللواء محمود الأسمر، أن هذه الإجراءات «ضرورية الآن في هذه المرحلة الحساسة التي بدأنا نأخذ فيها نفساً»، وهي تأتي «للحفاظ على ما وصلنا إليه، وخصوصاً أن هذين البلدين سجّلا نسب إصابات ووفيات عالية جداً». يلفت الأسمر إلى أنه، بالنسبة إلى بريطانيا، صدر تعميم أخيراً يعفي الآتين من دولٍ أخرى عبر مطارها من القرار، ويحصره بالمقيمين فيها «وهم ليسوا كثراً، يعني كل يومين ما بيجي أكثر من 25 شخصاً». ما يطلبه الأسمر هنا من العائدين أن «يحملوا شوي معنا». وهو ما تذهب إليه مصادر وزارة الصحة بالقول إن «المطلوب اليوم هو الاستمرار للوصول إلى مؤشرات التعافي، واليوم ما حدا بيحمل قرار نرجع فيه لورا».