غزة | لم تكد تنتهي الحرب على قطاع غزة، حتى بدأت وزارة الداخلية والأمن الوطني تُطلق تحذيراتها لمواطني القطاع من خطر التعامل مع الأجسام المشبوهة ومخلّفات العدوان. وكانت العوائل النازحة من المناطق الحدودية قد بدأت، منذ لحظة إعلان الهدنة بين المقاومة والعدو، بالعودة إلى مساكنها، لتصطدم بالصواريخ والقذائف التي سقطت ولم تنفجر. ومع انتشار صور لمواطنين وأطفال يرفعون شارة النصر فوق تلك الأجسام الخطرة، سارعت وزارة الداخلية إلى دعوتهم لضرورة تجنّبها والإبلاغ عن أماكن وجودها. وأعلنت هندسة المتفجّرات في جهاز الشرطة في غزة، السبت، تحييد أكثر من 350 صاروخاً وقذيفة سقطت على منازل المواطنين خلال الحرب، فيما لا تزال وحداتها تعمل على الرغم من قلّة الإمكانات واستهداف مقرّها الرئيسي.
تستثمر المقاومة مخلّفات العدوان في عملية صناعة الصواريخ المحلّية

ويلفت خبير هندسة المتفجّرات في شرطة غزة، محمد مقداد، إلى أن هذه الأجسام تعتبر خطراً كبيراً على حياة السكّان، وهي تشكّل تهديداً ثانياً ــــ بعد الحرب ــــ على الأرواح، مؤكداً البدء منذ اللحظة الأولى للعدوان بالتعامل معها وتفكيكها. ويبيّن مقداد، الذي يعمل برفقة فريق من المهندسين، أن من بين أبرز تلك المخلّفات قنبلة من طراز "MK84" سقطت داخل غرفة نوم في أحد المباني السكنية في منطقة الضابطة الجمركية الواقعة إلى الشرق من محافظة خانيونس، ولم تنفجر. ويشير إلى أن عملهم ينطوي على الكثير من الخطورة، وبخاصة في ظلّ محدودية الإمكانات التي تعانيها وحدته نتيجة الحصار المفروض على غزة للعام الرابع عشر على التوالي. ويقول: "فرق هندسة المتفجّرات تعمل بلا كدّ أو تعب منذ اللحظة الأولى للحرب على إزالة المخلّفات الحربية التي تشكل خطراً مباشراً على حياة المدنيين". مضيفاً: "تتركّز الخطورة في العمل أثناء العدوان، لأننا يمكن أن نكون محلّ استهداف، فضلاً عن أن تلك الأجسام معرّضة للانفجار، والتعامل معها يحتاج إلى الكثير من الدقة والحذر، لأنه قد يودي بحياة المهندسين الفنّيين الذين يعملون على تفكيكها وإزالتها". واستشهد ستة مواطنين (بينهم صحافي فلسطيني وآخر إيطالي)، وأصيب ستة آخرون، في الثالث عشر من آب 2014، أي بعد أيام من انتهاء الحرب ما قبل الأخيرة، على إثر انفجار صاروخٍ إسرائيلي أثناء قيام طواقم هندسة المتفجّرات بتفكيكه في منطقة بيت لاهيا شمال القطاع.
وليس خافياً أن المقاومة الفلسطينية تستثمر الصواريخ والقذائف التي لم تنفجر، لتقوم بإعادة استخدامها في عملية صناعة الصواريخ المحلّية، وخصوصاً في ظلّ صعوبة توفير المواد المتفجّرة. ويقول عناصر في المقاومة إن الاحتلال يتعمّد أحياناً تصنيع قذائف مُشرّكة، وتركها من دون انفجار، وذلك بهدف الفتك بهم وإيقاع خسائر بالمواطنين في الوقت نفسه، مشيرين إلى أن العدو يعي كيف تحاول المقاومة اغتنام الفرصة وإعادة استخدام المواد المتفجّرة التي تحتوي عليها رؤوس الصواريخ والقذائف، ولذا يعمد إلى تصنيع قذائف مُشرّكة من أجل استهداف المقاومين بها.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا