دعد نصر الله، سيدة سبعينية من بلدة حولا الجنوبية الحدودية. قبل 21 سنة، استقبلت أهالي بيروت القادمين إلى الجنوب ليحتفلوا مع الجنوبيين الصامدين بالتحرير.
واحدة من أشهر الصور التي رافقت ذكرى التحرير: سيّدات جنوبيات يتراقصن حاملات الورد والأرز للاحتفال بالنصر على العدو الإسرائيلي. وفي الصورة، دعد، تحمل إبريقاً فخاريّاً على رأسها وترقص، غير آبهة بالكاميرا التي تنقل الحدث.

لم يكن لديها، كما شريحة كبيرة من أهالي البلدة، جهاز تلفاز ولا جهاز راديو لمعرفة الأخبار العاجلة. لكنها قبل فترة قصيرة من التحرير شعرت بأن النصر قريب. دعسات شباب المقاومة المجبولة بالوحل كانت قد زيّنت أرض ديارها. المصباح الكهربائي الذي كان يضيء خلف المنزل المتطرّف، دائماً ما كانت تجده مطفأً. حركات كثيرة وأصوات أخافتها لأنها كانت ووالدتها وحيدتين على أطراف البلدة.

في يوم الـ 22 من أيّار عام 2000، أشيع في حولا أن وفداً من بيروت يطلب استقباله في ساحة البلدة. فتوجهت دعد وعلى رأسها إبريق الفخار «لتسقي منه الوافدين، فلا بد أنهم عانوا كثيراً عند معبر كفرتبنيت»، على حدّ قولها. وما هي إلا دقائق حتى ظهرت الرايات؛ أعلام لبنان ورايات صفراء. هنا أيقنت دعد، ومن معها، أن الجنوب تحرّر حقاً!