حرب «غير معلنة» اندلعت بين بلدية بيروت وشركة «سليب كومفورت»، على خلفية توقيع البلدية اتفاقاً مع جمعية «غايم» الدنماركية، لإقامة ملاعب رياضية على أرض العقار 538 في منطقة المدوّر العقارية. التوقيع أشعل فتيل الخلاف القائم بين الطرفين منذ عام 2019 على «ملكية» العقار البالغة مساحته 1680 متراً مربعاً، والذي تشغله الشركة منذ عام 1993، بعدما شغلته في ثمانينيات القرن الماضي عائلة عبجي.تجدّد الخلاف الشهر الماضي، إثر زيارة قام بها رئيس دائرة القضايا في البلدية محمد الأسعد إلى العقار لتسليمه إلى ممثل جمعية «غايم» في لبنان، ابراهيم حوراني، إذ اعترض الأسعد وحوراني ومن معهما عدد من العاملين في الشركة وطالبوهم بمغادرة المكان.
وفي اليوم نفسه، رفعت «سليب كومفورت» كتاباً إلى محافظ بلدية بيروت، مروان عبود، جاء فيه أن «هذه الأرض هي المتنفّس الوحيد لمنطقة المدور، ونستعملها نحن وجيراننا منذ ما يزيد على ثلاثين عاماً (...) وقد سمح لنا رئيس البلدية محمد غزيري عام 1993 بتزفيتها وترتيبها لتكون موقفاً للعموم، وقد وافقه على هذا القرار المحافظ الياس سابا».
وقد ردّ العضو في المجلس البلدي، المحامي أنطوان سرياني، على الكتاب بمطالعة سرد فيها تفاصيل الخلاف، مطالباً بـ«تكليف من يلزم لإخلاء العقار من شاغليه من دون أي مسوّغ مشروع، وتسليمه إلى الجمعية وفقاً للأصول، وتكليف الشاغلين برسوم إشغال أملاك بلدية والجزاء طيلة فترة إشغالهم غير القانوني».
الشركة تعطّل إقامة ملعب رياضي لسكّان المنطقة


وفي 29 آذار الماضي، أرسلت «سليب كومفورت» كتاباً آخر تطلب بموجبه من البلدية «توقيع عقد إيجار أو إشغال بموضوع القسم المشغول منها فعلياً على العقار وبصورة متواصلة منذ أكثر من 35 عاماً»، ليأتي الرد من دائرة الأملاك في البلدية في الأول من الجاري التي اعتبرت أن إشغال «سليب كومفورت» للموقف «مخالف للقانون»، وأن الدائرة أحالت أكثر من معاملة منذ عام 2015، مطالبة الشركة بإخلاء الموقع 2015، إلا أن «كل إحالاتنا واقتراحاتنا لم تلق تجاوباً منذ ذلك الوقت». وجددت المطالبة بـ«تكليف فوج الحرس إخلاء العقار وتسلميه إلى دائرة الأملاك (...)».
بين الأخذ والرد، تضيع فرصة إقامة ملاعب رياضية في المنطقة، فقط لأن شركة خاصة تشغل ملكاً عاماً بشكل محالف للقانون. ويقول حوراني إن الجمعية كانت في صدد اتخاذ قرار لسحب المشروع وتحويله إلى الأردن، و«عملنا على التوسط مع الإدارة لتمديد المهلة للوصول إلى تسوية في ما يخص المكان». ولفت إلى أنه لم يكن «على علمٍ بما يجري في تلك الأرض، ونحن منذ عام 2015 نتواصل مع البلدية لتوقيع الاتفاق، من دون أن نرى الأرض».
بغض النظر عن الإفادة التي كان سيحصل عليها أبناء المنطقة التي تفتقر إلى أبسط مقومات البقاء، وبغض النظر عن التسيّب البلدي والإهمال للأملاك البلدية، إلا أن ذلك لا يمكن أن يكون مبرّراً لأن تستولي شركة خاصة على أملاكٍ بلدية والتصرف بها وكأنها أملاك خاصة. ولئن كانت هذه الأخيرة تشير إلى أن بقاءها هناك منذ عام 1993 قد نال «موافقة من رئيس البلدية السابق محمد غزيري والمحافظ الياس سابا»، على ما يقول ممثل الشركة، أنور عزام، إلا أنها كانت إقامة «بحكم الأمر الواقع»، على ما يقول سرياني. وهذا يعني مخالفة صريحة. بتعبير أوضح، هي احتلال واستغلال لأملاك تخص البلدية، ما يعني أنها تخص سكان النطاق البلدي. ولئن كان عزام يشير إلى أن الموقف «يستفيد منه كل العالم في المنطقة والمؤسسات المجاورة»، وأن الخلاف اليوم «ليس مع سليب كومفورت وإنما مع كل العالم المستفيدة»، إلا أن العارفين بأحوال المنطقة يعرفون بأن «الموقف تستثمره الشركة وموظفوها وزبائنها»، هذا ما يقوله السكان القريبون من المنطقة هناك.
ولئن كانت البلدية مسؤولة بشكلٍ أو بآخر عما يجري، ولا سيما لناحية إهمال أملاكها وتركها على عين القانون، إلا أن ذلك ليس مبرراً لكي «يتسلبط» النافذون من مؤسسات وأفراد وأحزاب لأخذ ما هو حق للناس. والسؤال هنا: أما آن الأوان لأن تقوم بلدية بيروت بواجباتها و«تلملم» أملاك الناس قبل أن تكون أملاكها؟



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا