يعقد كل من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووزير المال غازي وزني، اليوم، اجتماعاً افتراضياً مع الشركة المكلفة بالقيام بالتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان والمصارف «ألفاريز اند مارسال»، وهي جلسة من المفترض أن تكون مفصلية في ما خصّ عودة الشركة إلى استكمال التدقيق أو اعتذارها نهائياً. قرار إجراء التدقيق من عدمه مرتبط بمدى تجاوب سلامة مع طلبات الشركة، وهو ما كان رفضَه سابقاً تحت عدة حجج، أهمها السرية المصرفية. واستباقاً لأي مسعى من الحاكم بضرب التدقيق، نشر رئيس الجمهورية ميشال عون تغريدة مساء أمس حذّر فيها «الجانب اللبناني، وتحديداً وزارة المال والمصرف المركزي، المجتمعين غداً (اليوم) مع شركة التدقيق الجنائي من أي محاولة لتعطيل التدقيق الجنائي، وأحمّلهما المسؤولية باسم الشعب اللبناني».معركة التدقيق بالنسبة الى عون هي بمثابة «معركة تحرير»، وبالتالي مصير النقاشات اليوم سيكون له تأثيره على تأليف الحكومة، ولا سيما مع حديث مصادر مطلعة عن مجموعة كبيرة من القوى السياسية، وعلى رأسها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، تبذل جهداً استثنائياً لمنع التدقيق وإفراغه من مضمونه. وعليه، باتت هذه المسألة جزءاً من الأزمة السياسية المطروحة، ويربطها عون بمدى تعاونه مع الحريري، فيما الجزء الآخر يرتبط بشدّ الحبال القائم حول التشكيلة الحكومية بين الاثنين. ينتظر عون اتصالاً من الحريري لإبلاغه بـ«احترام الدستور»، فيما ينتظر الحريري اتصالاً من عون ليسمع منه موقفاً واضحاً حول مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري (وفق معادلة 8-8-8). وسط هذه الدائرة المفرغة، جرى الحديث عن توجه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الى باريس اليوم، وفق مبادرة قام بها المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم لحجز موعد له مع الرئيس الفرنسي، حيث سرت توقعات حول جمعه بالحريري. لكن مصادر التيار نفت ذلك، مشيرة الى ثلاث نقاط أساسية: 1- لم يطلب باسيل موعداً من فرنسا، وإذا دُعيَ فسيلبي إذا كان في ذلك مصلحة للبنان، لكن حتى الساعة ليس هناك أيّ دعوة.
الحريري لم يُبد تجاوباً إزاء لقاء باسيل، واستعاض عن زيارته فرنسا بإعلانه زيارة الفاتيكان

2- لا يحتاج رئيس التيار إلى أي وسيط حتى يتواصل مع الجهات الفرنسية، فهو على تواصل دائم معهم منذ لقاء قصر الصنوبر، وهناك اتصالات دورية بينه وبين مستشار ماكرون لشؤون الشرق الأدنى باتريك دوريل، وبشكل شبه دوري بينه وبين ماكرون. 3- ما نشر في الإعلام أقرب الى التخيلات، أما السؤال الأهم فهو هل يلبّي الحريري الدعوة الى الحوار في فرنسا بعد انكساره في مسألة الـ18 وزيراً، وما يمكن أن يتسبّب فيه لقاؤه باسيل قبيل تأليف الحكومة، هو الذي صرّح بأنه لن يلقاه سوى بعد التأليف؟ فرئيس الحكومة المكلف يعرف أنه غير قادر على تأليف حكومة في غياب كل المسيحيين، حلفاءَ وأخصاماً. وهذا موقف تبلغه حتى من الرئيس نبيه بري، وبطبيعة الحال من حزب الله. ثمة معلومات في هذا الصدد تشير الى أن الحريري لم يُبد تجاوباً إزاء لقاء باسيل، وقد استعاض عن زيارته فرنسا بإعلانه زيارة الفاتيكان في اليومين المقبلين. تضاف الى الأجواء غير الإيجابية، أن الحريري لم يتصل بعون ليعايده بالفصح.
في سياق آخر، برزت حرب بيانات أمس بين وزير الاقتصاد راوول نعمة ووزير المال غازي وزني. نعمة أكّد أن «بعض القوى السياسية في لبنان لا يريد الكابيتال كونترول» مشيراً الى أن «مجلس النواب يتحمل جزءاً من المسؤولية، إضافة الى أن وزني أسقطه من خلال تقديمه ومن ثم سحبه من على طاولة الحكومة، وفق تعليمات من رئيس المجلس نبيه بري». وردّ وزني ببيان مضاد قال فيه إنه «أول من قدّم مشروع «الكابيتال كونترول» والكل يعلم أن المناقشات يومها شوّهت الاقتراح وجردته من مضمونه، ما أدى الى إسقاطه في مجلس الوزراء، ويجري درسه الآن في لجنة المال لإقراره»، وذلك علماً بأنه عندما مناقشة قانون فرض الضوابط على التحويلات المالية المصرفية والسحوبات النقدية في 12 تشرين الأول 2020، سحب بري الاقتراح بسبب وجود ملاحظات من حاكم مصرف لبنان وصندوق النقد، ثم حوّله الى لجنة المال والموازنة (راجع «الأخبار»، 13 تشرين الأول 2020).

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا