حتى الآن، يبدو أن نقابة الأطباء في بيروت ماضية في قرارها القاضي بإجراء الانتخابات في موعدها المُحدّد في أيار المُقبل. وذلك بعد أن دعا النقيب شرف أبو شرف مجلس النقابة إلى جمعية عمومية عادية من أجل انتخاب ثمانية أعضاء للمجلس وعضوين للمجلس التأديبي ومراقب عام لصندوق التقاعد ومُساعدين له، على أن تُنظّم الدورة الأولى في الثامن من أيار في مقرّ بيت الطبيب ويكون الثالث والعشرون من الشهر نفسه موعداً للدورة الثانية يكون فيها النصاب قانونياً بمن حضر.قرار إجراء الانتخابات وما يرافقها من تجمعات للأطباء الذين عليهم الحضور شخصياً للاقتراع في ظلّ واقع وبائي حرج تعاني منه البلاد نتيجة المسار التصاعدي لانتشار فيروس كورونا، استند إلى تقديرات تُشير إلى أنّ جميع الأطباء المُسجّلين سيكونون قد تلقّوا اللقاح المضادّ للفيروس قبل موعد الاقتراع.
إلّا أن «الأزمة» الفعلية التي سترافق عملية الانتخاب تكمن في مكان «أخطر» بكثير، وهو في قطع الحساب وبراءات الذمة التي لم تُجرَ منذ ست سنوات. قانوناً، على الجمعية العمومية التي تنعقد في يوم إجراء الانتخابات، أن تُصادق على الحسابات المالية للنقابة، فيما من المعلوم أن النقابة توقفت منذ عام 2015 عن تصديق براءات الذمة وتنظيم قطع الحساب بسبب «الفوضى المالية» المستفحلة، على ما خلص سابقاً تقرير محمد كلش، المُستشار المالي لوزير الصحة السابق جميل جبق (راجع الأخبار العدد 3770 الخميس 30 أيار 2019).
عضو مجلس النقابة مروان الزعبي قال في اتصال مع «الأخبار» إنّ النقابة باتت أمام خيارات صعبة جداً، «فالكلفة المالية المترتبة عن إجراء تدقيق مالي علمي ودقيق تتراوح بين الـ300 والـ400 ألف دولار وهي كلفة لا قدرة للنقابة على دفعها حالياً، فيما خيار المضي بتجاهل الفوضى المالية الحاصلة سيرتب المزيد من الخسائر وسيُفاقم الفوضى». وإذ يلفت الزعبي إلى اقتراح خيار «اللوذ» بالنيابة العامة المالية «التي يمكنها تكليف الجهات المختصة لإجراء التحقيقات اللازمة»، يطرح تساؤلات بشأن إمكانية تنفيذ الاقتراح وعمّا إذا كان المجلس يملك الجرأة الكافية للمُضي في قرار المحاسبة واتخاذ الإجراءات الصارمة بحق المتورطين.
مصادر في النقابة استبعدت خيار الاستعانة بالنيابة العامة المالية نظراً لتشعب الجهات المتورطة


من هنا، يبدو خيار المُضي في نهج «شطب» الحسابات المتراكمة واعتماد مبدأ «الصفحة الجديدة» هو الأقرب إلى التنفيذ، في ظلّ عبء مالي ترزح تحته النقابة في الوقت الراهن، يمنعها من اللجوء إلى شركة خاصة للقيام بالحسابات المالية، وما لجوء النقابة إلى تنفيذ مشروع المكالمات المدفوعة من قِبل المرضى الراغبين بالتواصل مع أطباء النقابة إلا دليل على حجم المأزق المالي، على ما رأت مصادر معنية بالملف في النقابة، مُستبعدةً خيار الاستعانة بالنيابة العامة المالية نظراً «لتشعب الجهات المتورطة».
والجدير ذكره أنّ تقرير كلش كان قد خلُص إلى غياب أسس المحاسبة السليمة وعجز في إصدار بيانات مالية صحيحة فضلاً عن وجود عمليات «تلف» للمعلومات في برامج المحاسبة تستدعي التدقيق. وعليه، فإنّ أي تجاهل لهذا الواقع وتغييب مناقشته على جدول أعمال المجلس في دورته الجديدة يعني تشريع تأزيم الوضع المالي الذي سيكون من مسؤولية أعضاء المجلس الجدد المنتخبين. فهل يأخذ الأطباء هذا الملف في الحسبان عند إقبالهم على الاقتراع؟

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا