رحل الشيخ أحمد الزين أمس إثر نوبة قلبية. بهدوء ومن دون صخب، خرج قاضي شرع صيدا السابق من بوابة الجنوب في إحدى أصعب المراحل التي تمر بها صيدا. وكما كان في حياته، جامعاً بين مدينته وبين الجنوب ولبنان والعالمين العربي والإسلامي وإيران، جمع في مرثيته أضداداً باعدتهم السياسة والنزعات المناطقية والطائفية. فاشترك في نعيه كل من دار الفتوى والإتحاد العالمي لعلماء المقاومة وتجمع العلماء المسلمين في لبنان وكافة الجمعيات الخيرية والإسلامية في صيدا. برحيل الزين (88 عاماً)، تطوي صيدا مجلداً حفظ مراحل رئيسية في تاريخ المدينة منذ قراره بالسفر إلى الأزهر الشريف في مصر لدراسة الشريعة عام 1953، متراجعاً عن رغبته بدراسة الهندسة الزراعية أو الحقوق. باكراً، ارتبط اسمه برجال الدين من أصحاب الأدوار الوطنية الجامعة من مفتي صيدا الأسبق محمد سليم جلال الدين إلى مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد والإمام موسى الصدر الذي شكل معه «هيئة نصرة الجنوب» عام 1970. سريعاً، ناصر الثورة الإسلامية في إيران والتقى الإمام الخميني. ووقف ضد الإحتلال الإسرائيلي لمدينته عام 1982 في وقت صمت كثير من رجال الدين أو فضلوا مغادرتها. من على منبر الجامع العمري الكبير الذي كان إمامه لسنوات، صدح صوته في ظل الإحتلال، داعياً للمقاومة ومحرّماً التعامل مع العدو. لم تخفه التهديدات الإسرائيلية حينذاك، كما لم يسكته لاحقاً التحريض المذهبي عن التحالف مع حزب الله وسوريا وإيران. مع ذلك، لم تتزعزع مكانة الزين لدى الصيداويين.
لم تخفه التهديدات الإسرائيلية ولم يسكته التحريض المذهبي

مواقفه الساطعة وغير المهادنة، لم تستفز أحداً ولم تقلل من أعداد المصلين خلفه. حتى آخر أيامه، لم ينقطع عن عاداته. بجسده النحيل وعمامته وعباءته البيضاء يتجول في شوارع صيدا على أقدامه من دون مرافقة أو حراس حتى خلال شغله منصب قاضي شرع صيدا. فهو بسلوكياته الشخصية والعامة، يشبه عاصمة الجنوب. أسس أسرة متنوعة الإنتماءات ومنفتحة دينياً.وقد نعى رئيس مجلس الأمناء في تجمع العلماء المسلمين جهات عدة، أبرزها حركة أمل وحزب الله وتجمع العلماء المسلمين والسفير الإيراني في لبنان محمد جلال فيروزنيا ودار الفتوى والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا