يستمر حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة في جلسات المرافعة بـ«براءته» عبر تحميل الناس والدولة والمصارف، مسؤولية الانهيار النقدي والمالي في لبنان، نافضاً المسؤولية عنه كما لو أنّه كان طوال الفترة الماضية «مُشاهد سينما». لا يزال سلامة، «المُشتبه فيه» في سويسرا والمدّعى عليه في لبنان، مستمراً في تضليل الرأي العام، عبر الإيحاء بأنّه «الصخرة» التي حملت البلد في السنة والثلاثة أشهر الماضية ومنعته من السقوط النهائي، وبأنّ كلّ البلد «يعيش من أموال المصرف المركزي، وهذه الأموال تُقدّر بـ 17 ملياراً ونصف مليار دولار، بالإضافة إلى الذهب». قال سلامة هذه الجملة أمس في حديثه إلى قناة «فرانس 24»، مُتعمّداً ترويج «الأكاذيب» التي يُفترض أن يُعاقب عليها القانون. الدولارات الموجودة لدى مصرف لبنان هي «أمانة» أودعتها المصارف لديه، من أموال المودعين. قرابة الـ 75 مليار دولار أميركي من أموال الناس وظّفتها المصارف لدى «المركزي» طمعاً بالفوائد المرتفعة عليها، ولم يتبقّ منها ــــ بحسب ما يُعلن سلامة ــــ سوى 17.5 مليار دولار. فكيف يضع أموال الناس في حسابه ويدّعي في مقابلته أنّها أموال مصرف لبنان؟ هل يستطيع أصلاً أن يُقدّم للرأي العام لائحة بإيرادات «المركزي» ويُفنّد له إن كانت لديه استثمارات تدرّ له هذه المبالغ بالدولار؟ وهل يقبل أن تُفتح حسابات مصرف لبنان وكلّ زبائنه حتى تُعرف الأرقام الحقيقية لديه؟ «لم أكن ضدّ عملية المراجعة المحاسبية القضائية»، قال أمس، مُضيفاً إنّه «قدَّمت حسابات المصرف المركزي، لكن كان هناك عائق قانوني يتعلّق بحسابات الغير، أي الحكومة والمصارف، وهنا كان ينبغي إجراء مبادرة قانونية لتعليق أو إلغاء السرية المصرفية، وقام مجلس النواب بذلك». ومع ذلك، أصرّ على أنّه لا يتحمّل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، ولا حتى جزءاً من المسؤولية، «لو قام المصرف المركزي بسوء إدارة، لما كنّا صمدنا سنة و3 أشهر». لم يوضح سلامة إن كان «الصمود» يشمل انهيار سعر الصرف، وانهيار قيمة الأجور، والتضخم، وزيادة العجز في ميزان المدفوعات... المهم بالنسبة إليه أنّه «ليس هناك أي مصرف مفلس لأنّ المصرف المركزي قدّم السيولة للنظام المصرفي... عادت إلى المصارف كل الودائع المصرفية من العملات الأجنبية. كما قام المصرف بضخّ 13 ملياراً في القطاع المصرفي. الكثير يخطئ في ما يتعلق بالأموال والسيولة بالعملات الأجنبية التي كانت في المصارف، والتي جرى استهلاكها بشكل أساسي عبر الاستيراد، فمنذ عام 2017 حتى عام 2019 استوردنا بـ 65 ملياراً. وهذا رقم ضخم بالنسبة إلى لبنان، وهذا سبب أساسي لنقص السيولة وعملية المراجعة المحاسبية ستبيّن ذلك». هذا القطاع «لم يكن مُلزماً على استثمار كلّ أمواله في مصرف لبنان، بل قامت المصارف بذلك عن قصد.
سلامة: المصارف لم تكن مُلزمة باستثمار كلّ أموالها في مصرف لبنان

وهي لم تقم بكلّ استثماراتها في المركزي، فالمصارف التجارية اشترت سندات الدين اللبناني مباشرةً من الحكومة، وعندما حدث عجز الدفع، كان لدى المصارف 14 مليار دولار على شكل سندات خزينة، تلاشت بعد ذلك». وذهب سلامة بعيداً من خلال تحميله المودعين، الذين فجأة وجدوا أنفسهم أمام قطاع مصرفي «زومبي» لا يملك دولارات ولا يقبل فتح اعتمادات أو إجراء تحويلات ويُقنّن السحوبات، جزءاً من مسؤولية الأزمة. قال إنّ اللبنانيين «هم من سحبوا الأموال. هناك 2.6 مليار من الدولارات تم إخراجها، منها 1.6 مليار لمصلحة المصارف المراسلة ومليار للبنانيين». لم يُفرّق سلامة بين المودع «المحظي» الذي نال موافقته على عمليات تحاويل قام بها، وبين المودع «العادي» الذي بات محروماً من سحب مليون ليرة. أضاف إنّه تمّ «سحب حوالى 30 ملياراً من ودائعهم في المصارف خلال السنة الماضية، استخدموا 20 ملياراً منها لتغطية القروض، و10 مليارات على شكل سيولة نقدية... من غير الصحيح أن نقول إنّ اللبنانيين لم يحصلوا على ودائعهم وأموالهم، فبإمكانهم سحبها من المصارف».سلامة اعتبر نفسه «كبش فداء». من لديه مصلحة بذلك؟ «الطبقة السياسية بطبيعة الحال، ويمكن أن تكون هناك دوافع إيديولوجية سياسية أو بعض الأشخاص الطموحين». دافع بأنّ التمويل الذي يدفعه «المركزي» كان يتمّ «حسب القانون»، ورغم ما يجري فـ«لا أستقيل تحت الضغط».

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا