غداة اتفاقية التطبيع الإماراتية الإسرائيلية، بات يتركز همّ محمد بن زايد على تبييض صفحة الإمارات التي تصدّعت نتيجة هذا الاتفاق المذل... وأيضاً محاولة تسويق النيّات الإسرائيلية «الحسنة» تجاه الشعوب العربية والرغبة «في التعايش بسلام» معها. والطريقة الأفضل لتمرير هذا السلام هي عبر التطبيع الروحي ومن بوابة المؤتمرات، تحت عنوان جمع الديانات بعضها مع بعض، وإطلاق شعارات برّاقة كالأخوّة والإنسانية والتسامح. فاختيار تسمية اتفاق إبراهام للتطبيع بين الإمارات والاسرائيليين لم يأت عن عبث، بل أوضحه السفير الأميركي في إسرائيل دايفيد فريدمان عند الإعلان عن الاتفاقية. فأشار الى أن «إبراهيم هو أبو الديانات الثلاث ويمثل القدرة على توحيد هذه الديانات»، الأمر الذي تردّده كل من أميركا و«إسرائيل» باستمرار عن إمكانية عيش هذه الديانات الثلاث (الإسلام والمسيحية واليهودية) بسلام في المنطقة. سريعاً تناغمت أبو ظبي مع الخطة الأميركية الإسرائيلية، فبدأت حتى قبيل التطبيع، بعقد مؤتمرات ومعارض حضرها إسرائيليون، وها هي اليوم تجهد لبناء معبد مشترك للديانات الثلاث سيتم افتتاحه في العام 2022 تحت اسم «بيت عائلة إبراهيم».
المقرّبون من البطريرك يؤكدون أن زيارته محصورة بالحوار الإسلامي - المسيحي
من هنا يبدو تخوّف البعض مشروعاً حول النيات الإماراتية من دعوة الراعي لزيارتها بالتزامن مع ذهابها أبعد ممّا يريده الإسرائيليون من هذا التطبيع، وترسيخه في المناحي السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والتعليمية كافة... وبالتالي لن تتوانى أبو ظبي عن محاولة تحوير زيارة البطريرك الماروني اليها لتسجيل نقاط إضافية لدى الاسرائيلي والأميركي، إذ يتركز همّ الإمارات الأول اليوم على توسيع حفلة العلاقات العامة مع كل الدول ومحاولة جرّ الجزء المتبقي معها الى الثغرة التي فتحتها.
في المقابل، ثمة من يطمئن «المتخوّفين» إلى أن البطريرك الراعي يدرك جيداً هدف زيارته المحصور بمؤتمر الأخوة الإنسانية وبالحوار الإسلامي المسيحي حصراً، فيما الحوار الإسلامي المسيحي اليهودي ليس من مسؤولية البطريرك الماروني، بل بابا الفاتيكان. ويشير المقرّبون من الراعي الى أن «غبطته حريص على البلد، وسبق له أن ذهب الى الأراضي الفلسطينية من دون أن يلتقي ولو جندياً إسرائيلياً أو مسؤولاً صغيراً، ولن يذهب الى أبو ظبي اليوم للقاء الاسرائيليين أو التحاور معهم. فهو ليس مؤيداً لاتفاق المصالحة مع إسرائيل، ولقاءاته ستقتصر على المسؤولين الإماراتيين ونقطة على السطر». ويوضح هؤلاء في سياق مختلف أن «الشأن السياسي اللبناني سيكون من ضمن أولوياته وليس فقط الشأن الديني». ويسألون: «الرئيس سعد الحريري زار الإمارات، من دون أن يربط أحد زيارته بالتطبيع، فلماذا الزجّ بغبطة البطريرك في شأن لا يعنيه؟».